وذلك للوثوق بأن مستندهم في تلك الفتيا ليس هو النبوي ، بل هو ما سيأتي في البيع من اعتبار المالية في العوضين ، لأن مالية الأشياء إنما هي باعتبار المنافع الموجودة فيها الموجبة لرغبة العقلاء وتنافسهم فيها ، فما يكون عديما لجميع المنافع أو للمنافع الظاهرة لا تكون له مالية . وإذن فليس هنا شهرة فتوائية مستندة إلى النبوي لتوجب انجباره ، لأنه بناء على انجبار ضعف الخبر بعمل الأصحاب إنما يكون فيما انحصر الدليل لفتياهم بذلك الخبر الضعيف ، ولم يكن في البين ما يصلح لاستنادهم إليه . وأما على الثالث ، فالحرمة لا توجب فساد البيع عند المشهور ليحتمل انجبار النبوي بفتياهم . فتحصل أنه لا يكون شئ من الروايات العامة التي ذكرها المصنف دليلا في المسائل الآتية ، بل لا بد في كل مسألة من ملاحظة مداركها ، فإن كان فيها ما يدل على المنع أخذ به وإلا فالعمومات الدالة على صحة العقود ، كقوله تعالى : أحل الله البيع [1] وأوفوا بالعقود [2] وتجارة عن تراض [3] ، محكمة كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في أول الكتاب . بطلان المعاملة على الأعمال المحرمة تمهيد : لا يخفى عليك أن محل كلامنا في المسائل الآتية إنما هو في الأعيان المحرمة من الخمر والخنزير والميتة ونحوها . وأما الأعمال المحرمة كالزنا والنميمة والكذب والغيبة فيكفي في