نام کتاب : مشارق الشموس ( ط.ق ) نویسنده : المحقق الخوانساري جلد : 1 صفحه : 307
من كلامه أنه بنى الحجة على مقدمتين مطويتين أحديهما إن المراد من الرجس في الآية النجس والثانية إن الاطلاق الواقع في الاخبار محمول على التقييد بالمسفوح في الآية ولهذا البناء في كلامه شاهد وهو أنه ذكر في أثر هذا الحكم دم ما لا نفس له وأنه طاهر وأشار إلى الخلاف الواقع فيه من أهل الخلاف ثم قال لنا قوله تعالى أو دما مسفوحا وهذا ليس بمسفوح فلا يكون نجسا ولا يخفى وجه دلالة هذا الكلام على ما قلناه فإنه لولا تخيل كون الأخبار المطلقة في الامر بإزالة الدم محمولة على المقيد في الآية لم يتم هذا الاحتجاج لجواز التمسك بإطلاقها في عدم التفرقة بين المسفوح وغيره لا سيما وفي الروايات التي نقلها ما هو من طريق الجمهور فللخصم أن يتشبث به فيما ذهب إليه فإقامة الحجة عليه لا يتم إلا بملاحظة ما ذكرناه من حمل المطلق في الاخبار على المقيد في الآية وقد اتضح وجه إيهام العبارة القول بطهارة الدماء المذكورة فإن حصر النجس في المسفوح يقتضي طهارة ما سواء لكن الكلام منظور فيه أما أولا فلان المقدمتين اللتين بنى الاحتجاج عليهما ضعيفتان أما الأولى فلان إرادة النجس من الرجس غير ثابتة إذ لم يعده أهل اللغة من معانيه فضلا عن أن يقولوا إنه معناه وقد ذكر داله معا في كثيرة منها القدر ولا يخفى أنه أعم من النجس وباقي المعاني لا دلالة لها عليه وأما الثانية فلان حمل المطلق على المقيد إنما هو مع تحقق التنافي بينهما ولا تنافي هنا إذ الحكم على المسفوح بالنجاسة لا ينافي نجاسة غيره معه وأما ثانيا فلانه احتج بعد هذا بقليل لطهارة دم السمك بقوله تعالى أو دما مسفوحا وقربه بأن دم السمك ليس بمسفوح فلا يكون محرما فلا يكون نجسا وقد حكينا هذا فيه عنه آنفا وأنت تعلم إنه بعد ثبوت انحصار النجس في المسفوح ليس بمحتاج إلى إثبات الحل ها هنا وجعله وسيلة إلى إثبات الطهارة فربما كان في ذلك إشعار بعدم ثبوت التقييد كما هو التحقيق إذا تقرر هذا فاعلم إن الباعث للعلامة فيما يظهر على اعتبار التقييد بالمسفوح في العبارات التي اتفق له إدراج القيد فيها إنما هو الاحتراز عن الدم المختلف في الذبيحة حيث إنه طاهر باتفاق الكل فلا يستقيم الحكم بنجاسة دم ذي النفس على الاطلاق وليس في قصده إخراج شئ من أصناف دم ذي النفس غير ما ذكره يشهد بذلك تتبع كلامه وقد أخذ هذا القيد في عبارة النهاية ثم فصل بعده أنواع الدم وذكر حكمها في النجاسة والطهارة ولم يزد في عداد الطاهر على ما عليه الأصحاب وقال عند ذكر الدم المختلف في الذبيحة إنه طاهر لعدم كونه مسفوحا وفي هذا الكلام قرينة واضحه على ما قلناه حيث تعرض للتفصيل واقتصر في بيان محل انتفاء الحكم لعدم الوصف على المتخلف في الذبيحة وبالجملة فعدم التزام العلامة بما يقتضيه ظاهر التقييد الذي تفرد به أظهر من أن يخفى وقد بان لك أن ترك القيد كما فعل الأكثر هو الأنسب فإن الاشكال الحاصل فيه باعتبار عدم استقامة الحكم بنجاسة الدم من ذي النفس على العموم نظرا إلى دم الذبيحة يندفع بتصريحهم باستثنائه فيما بعد وإن اتفق في بعضها بعد العهد وأما الاشكال الوارد على التقييد بإبهام ما قد ذكره فيحتاج في دفعه إلى فضل تدبر والأصوب تفصيل المقام وترك التعبير بما يتطرق إليه الاشكال والايهام انتهى كلامه وفيه مواضع من النظر أما أولا ففي قوله فإنه لولا تخيل كون الاخبار إلخ وجهه إن العلامة ها هنا في مقام بيان الأدلة على ما اختاره من غير نظر إلى معارضاتها ولا شك إن الآية مما يصلح للاستدلال عليه ولا حاجة فيه إلى تقييد الدم الوارد في الروايات بالمسفوح فلا يكون بناء الاستدلال عليه كما ذكره ثم لو عورض بالروايات فلعله يدفعها بأمر آخر غير التقييد بالمسفوح بل بدم ما له نفس سائلة معللا بلزوم الحرج والعسر لو عمم بالنسبة إلى غير ذي النفس على ما تمسك به في دليله الاخر كما نقلنا أو بأن دم ما لا نفس له ليس من الافراد المتعارفة للدم فشمول الروايات له غير ظاهر على ما زعمه صاحب المعالم أيضا وبالجملة لا يلزم أن يكون بناء كلامه على تقييد الدم الواقع في الروايات بالمسفوح وبهذا اتضح إن ما ذكره من أنه قد اتضح بهذا وجه إبهام العبارة انتهى غير متضح فإن قلت إذا لم يترك العلامة المسفوح الواقع في الآية بحاله فكيف يصح استدلاله به على الخصم قلت خروج بعض الدماء من الحصر المذكور في الآية بدليل من خارج لا يوجد ذلك الدليل في محل النزاع لا يضر الاستدلال بالحصر إذ حاصله إن الآية تدل على طهارة غير المسفوح مطلقا إلا ما أخرجه الدليل فبقي الباقي الذي هو محل النزاع وما أخرجه الدليل مثل الدم الغير المسفوح مما له نفس سوى المتخلف في الذبيحة والدليل أما الاجماع ظاهرا وإطلاق الدم أو عمومه الواقع في الروايات وعدم جريان الدليل في المتنازع فيه أي دم ما لا نفس له أما الاجماع فظاهر وأما الاخر فلمنع ظهور شموله لذلك الفرد الغير المتعارف بناء على عدم تعارفه أو للزوم الحرج فيه والبناء على الأول أولى إذ لو بنى على الثاني يصير بالحقيقة الاستدلال بالآية مستدركا إذ يرجع الامر آخرا إلى الاستدلال بلزوم الحرج كما استدل به على حدة ومع ذلك أنت خبير بأن دأبهم سيما العلامة ( ره ) أنهم يستدلون كثيرا على مطالبهم بما يصلح للاستدلال بادي الرأي وإن كان بعد التفتيش وملاحظة المعارضات لا تبقى الصلاحية بحالها لكن مع وجود دليل آخر كما فيما نحن فيه يظهر ذلك عند تتبع كلماتهم وحينئذ يجوز أن يكون العلامة ( ره ) استدلاله بالآية هنا من هذا القبيل والله أعلم والأولى أن يتمسك في أن العلامة ( ره ) قايل بتقييد الدم الواقع في الآية وحينئذ الروايات المسفوح بما نقلنا عن المنتهى في جواب حجة القائلين بنجاسة دم السمك حيث صرح بأن الدم في الآية مقيد بالمسفوح باعتبار الآية الأخرى وأما ثانيا ففي قوله وأما الثانية فلان حمل المطلق إلى آخره وجهة إن حمله المطلق على المقيد ها هنا لو كان فلا يكون لأجل إنه تعالى حكم بالرجس بمعنى النجس على الدم المسفوح فيجب أن يحمل الدم المحكوم بنجاسة في الروايات أيضا على المسفوح لوجوب حمل المطلق على المقيد حتى يرد ما ذكره بل لأجل إن الآية باعتبار حصر الحرمة في الدم المسفوح يدل ظاهرا على أن الدم الغير المسفوح طاهر إذ لو كان
307
نام کتاب : مشارق الشموس ( ط.ق ) نویسنده : المحقق الخوانساري جلد : 1 صفحه : 307