وتعالى * ( وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ) * قال : العدس والحبوب وأشباه ذلك يعني من أهل الكتاب [1] إلى غير ذلك من الأخبار . وثالثا : إنّه يمكن أن يقال : إنّه تعالى بعد أن حرص المؤمنين وحثّهم على أن يكونوا أشدّاء على الكفّار وشوّقهم على أن ينقطعوا عنهم ولا يعتمدوا عليهم ولا يتّخذوهم أولياء فقال فيما قال * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ والنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ، ومَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّه مِنْهُمْ إِنَّ الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) * [2] تخيّل المسلمون حرمة أيّ ارتباط وعلقة بينهم وبين اليهود والنصارى حتّى الاقتصاديّ منها ، وتوهّموا أنّ اشتراء أمتعتهم أيضا حرام ممنوع عنه . فنبّههم اللَّه على خطأهم وعلى إباحة هذه الأمور بقوله تعالى * ( وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) * . ولكن لا إطلاق لقوله تعالى هذا بحيث يحلّ للمسلمين طعام الكتابيّ مطلقا وفي جمع الحالات الطارئة ، فيمكن الحكم بنفي الحلَّيّة والحكم بالنجاسة بلحاظ بعض الطوارئ بملاقاتها مع أبدانهم النجسة بملاقات الخمر والخنزير وسائر النجاسات . فلك أن تقول حلَّيّة طعام أهل الكتاب للمسلمين في حدّ نفسه لا ينافي نجاسته بلحاظ طروّ بعض العوارض فلعلّ تفسير الإمام عليه السّلام : الطعام في الآية بمثل الحبوب بلحاظ أنّ غير الحبوب من طعامهم وإن كان متّصفا بالحلَّيّة ذاتا إلَّا أنّه محرّم لعروض بعض الحالات ، وأمّا مثل الحبوب فهو طاهر ذاتا ولم يعلم ملاقاتها مع أبدانهم الملوّثة بالنجاسات .
[1] الوسائل باب 51 من أبواب الأطعمة المحرّمة : ح 8 . [2] المائدة : 51 .