نعم لو فرض تحقّق عنوان الإحسان في حقّ الزوج دخل في قوله تعالى : * ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) * لكن لا بدّ أن يعلم أنّ مجرّد حمل المال إلى صاحبه مع سكوته عن المطالبة ورضاه بالتأخير لا يسمّى إحسانا إليه ، بل في صورة المطالبة أيضا إيصال مال الشخص إليه لا يسمّى إحسانا إليه ، فمثال الإحسان أن يكون هناك خوف تلف أو سرقة وكان النقل إلى صاحبه موجبا لحفظه ، فحينئذ لو نقله إليه يسمّى ما دام في طريق النقل محسنا ، فيرتفع عنه الضمان لأنّ المال يكون في حفظه وحراسته وأمانة شرعيّة بيده ، هذا كلَّه في ما إذا كان المهر عينا شخصيّة في يد الزوج . وأمّا إذا كانت شخصيّة في يد غاصب حين يجعل مهرا ثمّ تلف في يد الغاصب أو كان كلَّيّا في ذمّة فاتّفق خروجه عن وصف الماليّة قبل تسليم المصداق إلى الزوجة فلا يخفى أنّ التمسّك بقوله عليه السّلام : على اليد . إلخ ، في كلتا هاتين الصورتين لا وجه له إذ لا عين شخصيّة في الثاني حتّى يتحقّق استيلاء اليد عليها ، ولا يد للزوج في الأوّل . وقد يتمسّك للضمان فيهما أيضا بأنّ مقتضى العقد ليس مجرّد إنشاء الزوجيّة وتمليك المهر بلا إنشاء تعهّد بتسليم ما ملك كلّ لصاحبه فإنّ هذا خلاف المتفاهم من المتعاقدين في أبواب العقود المعاوضيّة ، بل المتفاهم علاوة على إنشاء التمليك والتملَّك لكلّ من العوضين بالنسبة إلى كلّ من الشخصين إنشاء تعهّد من كلّ منهما أيضا بتسليم ما ملكه على ما ملكه ، أعني : أن يسلَّم ويتسلَّم كما ملَّك وتملَّك ، وهذا مفهوم عرفي من لفظهما وإنشائهما لعقد المعاوضة ، ومن هنا يتّجه للزوجة أن يمتنع من تسليم بضعها إلى أن يتسلَّم المهر ولكلّ من صاحبي العوضين في البيع وغيره الامتناع من تسليم عوضه إلى أن يتسلَّم المعوّض .