وثانيا : لو سلَّمنا أنّ الآية ليست إلَّا بمقام التكليف دون الوضع ، لكن نقول : يمكن استفادة الحقّية من رواية أبي بصير المرادي « قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها ، كان حقّا على الإمام أن يفرّق بينهما » [1] . فإنّه شامل لصورة التمكَّن وعدم البذل ، ولصورة العجز فإنّ العبارة في كلتيهما صادقة كما هو واضح ، وأيضا أعمّ من أن يكون العجز حاصلا قبل العقد أو طارئا بعده ، بل وفي الأوّل علمت المرأة بالحال أو جهلته ، وقوله عليه السّلام : كان حقّا على الإمام شاهد على أنّ لهذا الحقّ صاحب يستحقّه على الإمام ، وليس في البين من يصلح لهذه الطرفيّة إلَّا الزوجة ، فهي مستحقّة ، والإمام عليه السّلام مستحقّ عليه ، فيجوز لها مطالبته عليه السّلام بذلك ، وهذا ذو وجهين : الأوّل : أن يكون مورد حقّها ابتداء هو الإمام عليه السّلام ، فيكون المطلَّق هو الإمام عليه السّلام . والثاني : أن يكون مورده ابتداء هو الزوج ، والإمام عليه السّلام إنّما يباشر إذا امتنع الزوج ، كما في سائر موارد امتناع من عليه الحقّ عن أداء ما عليه ، فيكون المطلَّق هو الزوج بإجبار الإمام عليه السّلام . وفي حسنة جميل بن درّاج ، قال : « لا يجبر الرجل إلَّا على نفقة الأبوين والولد » قال ابن أبي عمير : قلت لجميل : والمرأة ؟ قال : قد روى عنبسة عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : « إذا كساها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلَّا طلَّقها » [2] .
[1] الوسائل : كتاب النكاح ، الباب 1 من أبواب النفقات ، الحديث 2 . [2] الوسائل : كتاب النكاح ، الباب 1 من أبواب النفقات ، الحديث 4 .