قال : إن نفس طرح الدعوى عند الحاكم مطالبة بالجواب . وقد نقله صاحب الجواهر عن المسالك وقال : إن هذا لا ينفي التوقف ، واستدل في الجواهر لعدم التوقف بأمرين : أحدهما : الأصل ، والثاني : كون ذلك حقا للحاكم المنصوب لقطع الخصومات . أقول : هل للحاكم في مقام الدعوى حق على المترافعين مجعول شرعا ، فيكون ذا حق على المدعى عليه ليطالبه بالجواب على دعوى المدعي ؟ إن هذا مشكل ، ولعل مراده من الحق هو الولاية والسلطنة على المترافعين لفصل الخصومة . وهذا صحيح لكن موضوع وجوب القضاء هو مطالبة المدعي بذلك ، فإن لم يطالب فهل يجب ذلك على الحاكم من باب الولاية ؟ لا وجه للوجوب ، نعم له ذلك لغرض فصل الخصومة وحسم النزاع . وأما الأصل : فإن مقتضاه عدم حرمة مطالبة المدعى عليه بالجواب ، اللهم إلا أن يريد من الأصل إن مقتضى الاطلاقات والعمومات وجوب القضاء بعد مطالبة المدعى عليه بالجواب ، ومع الشك في شرطية التماس المدعي من الحاكم مطالبته به فالأصل عدمها ، ويكون مرجع ذلك إلى تخصيص أدلة وجوب القضاء والأصل عدمه . وكيف كان فإنه يبقى عليه أنه إن أسقط المدعي حقه فلا خصومة حتى ترفع ، وإلا فإن لم يطالب بالجواب فعلا فلا وجه لذلك بالنسبة إلى الحاكم وإن قلنا باطلاق أدلة القضاء ، فيبقى صورة التماس المدعي . وهنا يمكن أن يقال بأن أدلة القضاء لا تشمل هذه الصورة