المدعي بالبينة ، فإن أقامها فهو وإلا فإن اعترف الحاكم الأول بما يدعيه المدعي ألزم ، وما قطع به " قده " هو مذهب الأكثر . وقيل : لا يحضر الحاكم إلا أن يذكر المدعي أن له بينة بذلك . وعلى تقدير احضاره - سواء قلنا بجوازه مطلقا أو بعد ذكر المدعي وجود البينة - فإن أقام المدعي البينة حكم الحاكم في القضية بحسب الموازين الشرعية ، وإن اعترف الحاكم ألزم ، وإن قال : ما حكمت عليك بشهادة فاسقين كان منكرا والخصم هو المدعي " وإن قال : لم أحكم إلا بشهادة عادلين قال الشيخ : يكلف البينة لأنه اعترف بنقل المال وهو يدعي بما يزيل الضمان عنه " ويكون خصمه المنكر ، فإن أقام البينة فهو وإلا حلف الخصم . قال المحقق : " ويشكل بما أن الظاهر استظهار الحكام في أحكامهم فيكون القول قوله مع يمينه لأنه يدعي الظاهر " وهذا مذهب الأكثر فعلى من ادعى خلاف الظاهر - وهو الخصم - إقامة البينة على دعواه كما هي القاعدة المقررة في نظائر المسألة . ومورد البحث في هذه المسألة هو الحاكم المنصوب من قبل الإمام عليه السلام في زمن الحضور والمعزول من قبله ، وأما قبل العزل فلا تسمع دعوى المولى عليه ، وبه صرح فخر المحققين في شرح القواعد ، ومن هنا قيد المحقق ب " المعزول " [1] .
[1] والحاصل أن في المسألة خلافا في موضعين أحدهما : في وجوب احضار الحاكم الثاني للحاكم الأول المعزول ، فقال المحقق والعلامة في القواعد : وجب احضاره وإن لم يقم المدعي بينة ، ونسبه في المسالك إلى الأكثر وقال : وهو الأقوى . وقد أستدل له بأنها دعوى شرعية يشملها عموم : " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " فيجب سماعها وترتيب الأثر عليها باحضار المدعى عليه وهو الحاكم المعزول والنظر في المرافعة وإن لم يقم المدعي بينة له بذلك . قال في الجواهر : بل وإن صرح بعدمها بناء على أن له اليمين ، ولاحتمال اقراره ، وأبهة القضاء لا تنافي ذلك . وعن بعضهم : لا تسمع مطلقا - وقيل : لا تسمع إلا أن يذكر المدعي أن له بينة عليه بذلك ، لأن الحاكم أمين الشرع والظاهر أن أحكامه وقعت على وفق الصواب فيعمل بهذا الظاهر إلى أن تقوم الحجة بخلافه ولأن فتح هذا الباب موجب للطعن في الحكام . وهذا القول اختيار فخر المحققين . والثاني : وأنه على تقدير احضار الحاكم المعزول وجوابه عن الدعوى بقوله لم أحكم إلا بشهادة عدلين فهل يتقدم قوله مطلقا أو مع اليمين أو يفتقر إلى البينة وإلا قدم قول المدعي ؟ اختار الشيخ في المبسوط الثالث ، لأنه اعترف بنقل المال وهو يدعي بما يزيل الضمان عنه ، فعليه البينة حينئذ . واختار في المسالك الثاني قائلا : وهو الذي مال إليه المصنف والعلامة وأكثر المتأخرين ، وهو قول الشيخ أيضا في الخلاف وابن الجنيد ، لادعائه الظاهر كسائر الأمناء إذا ادعى عليهم خيانة . وقد أشكل المحقق على قول الشيخ بما سمعت ، وفي القواعد : وفيه نظر لأن الظاهر من الحكام الاستظهار في حكمهم فيجب عليه اليمين لادعائه الظاهر . وقد رد دليل الشيخ : بمنع كون مطلق نقله المال موجبا للضمان ، بل إنما يكون سببا للضمان مع التفريط والأصل عدمه ، وبأن هذا يؤدي إلى امتهان الحكام وزهدهم في الأحكام . وقيل : إنه يصدق بغير يمين ، لأنه كان أمين الشرع فيصان منصبه عن التحليف والابتذال . وقد حكى الشيخ هذا القول في المبسوط ، قال في المسالك : واستحسنه الشيخ فخر الدين في شرحه بعد أن رجح القول الثاني ولا يعلم به قائلا من الأصحاب وفي مفتاح الكرامة : حكاه الشيخ وهو الصواب . هذا وظاهر السيد الأستاذ موافقة المحقق في كلا الموضعين .