قوله ( عليه السّلام ) التقيّة في كلّ شيء يُضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلَّه الله [1] ، مرجعه إلى أنّ الله تعالى قد أمضى كلّ عمل صادر عن اضطرار ، فالوضوء الواقع تقيّة صحيح ، ومعنى صحّته تأثيره في رفع الحدث وإباحة الصلاة ، وكذا البيع والنكاح والطلاق الواقعة تقيّة ، يترتّب عليها آثار كلّ منها من النقل والانتقال والزوجيّة والبينونة وتأثيرها في ذلك وإن كان في خصوص حال الاضطرار ؛ إلَّا أنّه لا يكون محدوداً به ؛ لعدم الدليل على كون ارتفاعه موجباً لرفعها بعد وقوعها صحيحة ، وكذا قوله ( عليه السّلام ) في بعض الروايات فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة ؛ ممّا لا يؤدّي إلى فساد في الدين ، فإنّه جائز [2] ، ظاهر في جواز جميع الأفعال الصادرة تقيّة ، وقد عرفت أنّ المراد بالجواز ليس خصوص الجواز التكليفي ، بل الأعمّ منه ومن الوضعي . وبالجملة : فظاهرهما صحّة الأعمال الصادرة تقيّة ؛ بمعنى أنّ الوضوء كذلك يؤثّر في رفع الحدث ، فتكون الصلاة واجدة لشرطها ؛ أي الطهارة ، لا أنّه تجوز الصلاة مع عدمها في صورة الاضطرار ، وكذلك النكاح والطلاق ، فإنّ جوازهما عند الاضطرار إلى إيقاعهما على غير وجههما ، يرجع إلى تأثيرهما في الزوجيّة والبينونة واقعاً ، لا أنّه يجوز وطؤها مع الاضطرار وإن لم تكن زوجة ، أو أنّه يحرم وإن كانت باقية على الزوجيّة ، وحينئذٍ فتكون هذه الأدلَّة ، حاكمة على الأدلَّة الواردة في كيفيّة الوضوء الصحيح والنكاح والطلاق الصحيحين ، كما هو واضح . فالأقوى هو الوجه الأوّل . ولنختم بذلك الكلام في مباحث التقيّة ، ونرجع إلى سائر مباحث الوضوء .
[1] تقدّم في الصفحة 547 . [2] الكافي 2 : 168 / 1 ، وسائل الشيعة 16 : 216 ، كتاب الأمر والنهي ، الباب 25 ، الحديث 6 .