الحرج [1] ، وحديث الرفع المشتمل على رفع ما اضطُرّوا إليه [2] . أقول : أمّا حديث نفي الضرر فقد ذكرنا في الأُصول : أنّه ليس ناظراً إلى الأحكام المجعولة الشرعيّة ونافياً للأحكام الضرريّة ، بل إنّما هو حكم سياسي إسلاميّ صدر من النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) بما أنّه حاكم وسلطان ، كما يظهر بمراجعة مورده والتأمّل فيه ، وتحقيقه في موضعه [3] . وأمّا الآخران - وهما دليل نفي الحرج وحديث الرفع فهما وإن كانا حاكمين على الأدلَّة الأوّليّة المتكفّلة لبيان الأحكام الواقعيّة إلَّا أنّ التمسّك بهما في نفي الحكم في جميع موارد الحرج والاضطرار في غاية الإشكال ؛ ضرورة أنّ المراد بالحرج والاضطرار هو العرفي منهما . وحينئذٍ فهل يرى أحد ارتفاع حرمة إيقاع الناس في الضلالة وترويج الباطل - مثلًا بمجرّد حرج ضعيف أو اضطرار خفيف ، وكذا ارتفاع حرمة ما يترتّب عليه في الشريعة القتل أو الرجم ، كالزنا بالمحارم أو المحصنات بمجرّد دوران الأمر بينه وبين أداء مال يسير ، أو تحمّل مشقّة يسيرة ، ونحو ذلك من الأمثلة التي لا يمكن الالتزام فيها بارتفاع أحكامها بمجرّد ذلك ، وحينئذٍ فلا بدّ من ملاحظة الأمرين اللذين دار الأمر بينهما وترجيح الأهمّ منهما . فظهر : أنّ التمسّك بالدليلين المذكورين لجريان التقيّة في جميع الموارد ،
[1] المائدة ( 5 ) : 6 ، الحجّ ( 22 ) : 78 . [2] الاختصاص : 31 ، التوحيد : 353 / 24 ، الخصال : 417 / 9 ، وسائل الشيعة 15 : 369 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ، الباب 56 ، الحديث 1 . [3] بدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر ، الإمام الخميني ( قدّس سرّه ) : 113 114 .