وذكر المحقّق النائيني ( قدّس سرّه ) - على ما في التقريرات ما حاصله : إنّه لا إشكال في اعتبار القدرة العقليّة في كلٍّ من الأمر والنهي ، ويختصّ الثاني بقيد زائد ، وهو القدرة العاديّة على فعل المنهي عنه وتركه ، ولا يكفي في صحّة النهي مجرّد القدرة العقليّة ، فإنّ التكليف المطلق بترك ما يكون متروكاً عادة ، يكون كالتكليف المطلق بترك ما يكون متروكاً عقلًا ؛ من حيث اللَّغْويّة والاستهجان . وإنّما زِيدَ هذا القيد في النواهي ، دون الأوامر ؛ لأنّ الأمر بالفعل ليس إلَّا لأجل اشتماله على المصلحة الملزِمة ، ولا يقبح من المولى التكليف بإيجاد ما اشتمل على المصلحة بأيّ وجه أمكن ؛ ولو بتحصيل الأسباب الخارجة عن القدرة العاديّة مع التمكَّن العقلي من تحصيلها . وأمّا النهي فلأنّه حيث كان الغرض منه مجرّد عدم حصول ما اشتمل على المفسدة ، ومع عدم التمكَّن العادي من فعله لا تكاد تحصل المفسدة ، فلا موجب للنهي عنه ، بل لا يمكن ؛ لاستهجانه عرفاً . فإن قلت : يلزم على هذا عدم صحّة النهي عن كلّ ما لا يحصل الداعي إلى إيجاده ، كما لو فرض أنّ المكلَّف - بحسب طبعه لا يميل إلى شرب الخمر أصلًا ولو لم يتعلَّق به نهي ، كما يشاهد نظيره بالنسبة إلى ستر العورة وأمثالها ممّن يأبى عن كشفها ولو لم يكن نهي ، وذلك ممّا لا يمكن الالتزام به ، فإنّ لازمه قصر النواهي على من تنقدح في نفسه إرادة الفعل ، بل وقصر الأوامر على من لم يكن مريداً للفعل مع قطع النظر عن الأمر أصلًا ، وهو كما ترى . قلت : فرق بين عدم القدرة عادة على الفعل ، وبين عدم الإرادة عادة ، فإنّ القدرة من شرائط حسن الخطاب ، ولا بدّ من أخذها قيداً في التكليف ، وأمّا إرادة الفعل فليس لها دخْل في حسن الخطاب ، ولا يعقل أخذها قيداً في التكليف