منها : صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : كتبت إلى رجل أسأله : أن يسأل أبا الحسن الرضا ( عليه السّلام ) عن البئر تكون في المنزل للوضوء ، فيقطر فيها قطرات من بول أو دم ، أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها ، ما الذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصلاة ، فوقّع ( عليه السّلام ) بخطَّه في كتابي يُنزح دلاءٌ منها [1] . وتقريب الاستدلال بها من وجهين : أحدهما : أنّه لا إشكال في أنّ الأمر بالنزح ووجوبه ليس وجوباً تعبّديّاً ، بل وجوبه شرطي ، والأمر به إنّما هو لتحصل الطهارة للبئر بسببه ، كما هو واضح . ثانيهما : إقراره ( عليه السّلام ) السائل على قوله : " ما الذي يطهّره " الظاهر في نجاسة البئر بمجرّد وقوع قطرة أو قطرات من البول أو الدم فيها ، والإمام ( عليه السّلام ) لم ينكر عليه ذلك ، بل أقرّه عليه . ويرد عليه : أوّلًا : أنّ نزح الدلاء من غير تعيين مقداره قرينة على كون الحكم حكماً استحبابيّاً ؛ إذ لا يتناسب ذلك مع الوجوب أصلًا ، كما هو واضح لا يخفى . وثانياً : أنّه يستفاد من تعداد السائل البعرة - الظاهرة في فضلات البهائم في عداد الأعيان النجسة : أنّ المراد من قوله : " ما الذي يطهّره " ، هو الطهارة بمعنى النظافة ، لا الطاهرة في مقابل النجاسة ، ومنشأ السؤال احتماله أن يكون في الشرع طريق لرفع هذه المرتبة القليلة من القذارة ، فالسؤال إنّما وقع عنه ، لا عن المطهّر بمعنى المزيل للنجاسة ، العارضة بسبب وقوع قطرة من البول أو
[1] الكافي 3 : 5 / 1 ، وسائل الشيعة 1 : 176 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 14 ، الحديث 21 .