اعتبار الامتزاج في تطهير الماء المتنجّس ثمّ إنّه بعد الفراغ من كون الماء قابلًا للتطهير ، يقع الكلام في كيفيّة تطهير الماء المتنجّس . فنقول : عُمدة ما ورد من الروايات في هذا الباب : هي صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع المتقدّمة [1] . وقد تتوهّم : دلالتها على كفاية مجرّد اتّصال الماء المتنجّس بالماء المعتصم ، كالجاري والكُرّ ، ولا يعتبر الامتزاج ، فضلًا عن الاستهلاك [2] ؛ بتقريب : أنّه لا إشكال في أنّه لا خصوصيّة للنزح المأمور به فيها ، بل يكون مقدّمة لزوال التغيّر الموجب لنجاسة الماء ، والتعليل الوارد فيها لا يوجب الاختصاص بالمياه التي لها مادّة ؛ لأنّ الخصوصيّة التي بها تمتاز المادّة عن سائر المياه المعتصمة - وهي النبع والجريان من عروق الأرض لا مدخليّة لها أصلًا ، وحينئذٍ فمدلول الرواية : أنّ زوال التغيّر موجب لارتفاع النجاسة المسبَّبة عنه ؛ لاتّصاله بماء معتصم ، ولا يستفاد منها اعتبار أزيد من الاتّصال . ويرد عليه : أنّ زوال التغيّر المسبّب عن النزح ، إنّما يتحقّق بإخراج الماء منه تدريجاً ، ثمّ الخروج عن المادّة بمقداره وامتزاجه بالمياه الموجودة فيه ، وإلَّا فمجرّد الاتّصال بالمادّة ، لا يوجب زوال التغيّر من الماء الذي كان متغيّراً ؛ إذ تقليله لا يوجب تضعيف التغيّر ، وإنّما يرتفع بالإخراج والخروج من المادّة تدريجاً مع امتزاجه .
[1] تقدّم في الصفحة 37 . [2] انظر مصباح الفقيه ، الطهارة 1 : 58 59 و 108 .