التحديد في الروايات بحسب الخِلْقة المتعارفة ثمّ إنّه من الواضح أنّ التحديد في الروايات ، إنّما يكون الملحوظ فيه هو الأشخاص المتناسبة الأعضاء التي تتعارف خلقتهم بحسبها ، فلو فُرض خروج شخص عن الخِلْقة المتعارفة - إمّا لكِبَر وجهه ، أو صِغَره ، أو طول أصابعه ، أو قِصَرها مثلًا فالواجب عليه الرجوع إلى المتعارف ؛ لا بمعنى جعل أصابع الناس ملاكاً لمعرفة حدود وجهه ، فإنّه قد تكون أصابعه كأصابعهم ، ولكن التفاوت وعدم التناسب بملاحظة كبر وجهه ، فيلزم - حينئذٍ غسل مقدار من وجهه فقط ، مع أنّ من الواضح وجوب غسل جميع الوجه على جميع المكلَّفين . بل بمعنى مقايسة نفسه مع الناس ؛ وملاحظة أنّ المقدار المحاط بالإصبعين المتعارفين إذا أُجريا على الوجه المناسب معهما - بأيّ مقدار فيغسل من وجهه بنسبة ذلك المقدار ، والظاهر أنّ هذا هو المراد من الرجوع إلى المتعارف المذكور في كتاب " العروة " [1] وغيره [2] . ثمّ إنّه بعد كون حدّ الوجه عبارة عمّا تقدّم ، لا جدوى للنزاع في غسل بعض الموارد التي اختلفوا فيها ، فإنّ المناط هو إحاطة الإصبعين ، فكلّ ما يحيطان به فالواجب غسله ، وما لا يحيطان به لا يجب غسله . ودعوى وجوب غسل مقدار يسير من الأطراف الخارجة عن الحدود بحكم العقل ؛ مقدّمة لحصول الواجب [3] .
[1] العروة الوثقى 1 : 202 ، فصل في أفعال الوضوء . [2] الطهارة ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 2 : 170 . [3] مسالك الأفهام 1 : 36 ، مصباح الفقيه ، الطهارة 2 : 294 .