هي بسبب ذلك الأمر الغيري ، فلا يبقى وجه لصحّة الوضوء في مفروض المسألة ، إلَّا أن يقال بالصحّة أيضاً فيما إذا كان هناك أمر واحد ، فتوهّم كونه للوجوب ، فأتى بالمأمور به بداعي وجوبه ؛ لما عرفت في بعض المسائل المتقدّمة : من أنّ تقييد الموجود الخارجي بحسب التوهّم لا يؤثّر في تقييده بحسب الواقع [1] ؛ ضرورة أنّ التقييد الموجب للتغاير ، إنّما هو بالنسبة إلى المفاهيم لا الموجودات الخارجيّة . فانقدح ممّا ذكرنا : صحّة الوضوء بحسب جميع المذاهب ، وعليه فلا يبقى وجه لوجوب إعادة الصلاة في الفرضين . الفرع الثاني في جواز الوضوء الندبي لمن عليه وضوء واجب هل يجوز لمن عليه وضوء واجب أن يتوضّأ بنيّة التوصّل إلى الغايات المندوبة ، أم لا ؟ فيه وجهان ، والأقوى هي الصحّة : أمّا بناءً على ما عرفت منّا في باب الملازمة فواضح . وأمّا بناءً على القول بوجوب المقدّمة وثبوت الملازمة ، فنقول : إنّه لا محيص - بناءً عليه عن القول بالمقدّمة الموصلة ، كما حقّقناه في الأُصول ، وأجبنا عن كلّ ما أُورد عليه : من إشكال الدور والتسلسل وغيرهما من الإشكالات [2] ، وحينئذٍ فنقول : إنّ حيثيّة التوصّل وإن كانت من الجهات التعليليّة لثبوت الحكم ، إلَّا أنّه قد حقّق في محلَّه : أنّ الجهات التعليليّة كلَّها ترجع إلى
[1] انظر ما تقدّم في الصفحة 351 . [2] مناهج الوصول 1 : 392 396 و 401 ، تهذيب الأُصول 1 : 261 264 .