وثانياً : أنّه لو سُلَّم ذلك في العلل التكوينيّة ، فما الدليل على كون العلل التشريعيّة مثلها ، فأيّة آية أو رواية وردت في ذلك ، وليس هذا الأمر إلَّا صِرف الادّعاء من دون أن يقوم دليل عليه . والإنصاف : أنّ هذه القاعدة الكلَّيّة التي بنى هذا المحقّق عليها مباحث كثيرة في الأُصول ، كمسألة عدم تداخل الأسباب ، وفوريّة الأمر ، وتعبّديّة الواجب المشكوك ، ونظائرها ممّا لا يتّكي إلى ركن وثيق . أدلَّة أصالة التعبّديّة ثمّ إنّه ربما يتمسّك [1] لأصالة التعبّديّة ببعض الآيات والروايات [2] ، مثل قوله تعالى * ( أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) * [3] . وقوله تعالى * ( وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ ) * [4] . وأُورد على الاستدلال بالآية الأُولى : أوّلًا : بأنّ الأمر بإطاعة الله أمر إرشاديّ ، وإلَّا يلزم الدور [5] ، كما لا يخفى . وثانياً : بأنّ لازم ذلك أن يكون إطاعة الرسول وأُولي الأمر ، بمعنى إتيان متعلَّقه بداعي الأمر واجبة ، ولا يظنّ بأحد أن يلتزم بذلك . وثالثاً : بأنّ المراد بالإطاعة هو معناها العرفي الراجع إلى الموافقة بإتيان
[1] مبادئ الوصول إلى علم الأُصول : 114 115 ، الفصول الغرويّة : 69 70 ، انظر مطارح الأنظار : 61 / السطر 24 . [2] انظر وسائل الشيعة 1 : 46 ، كتاب الطهارة ، أبواب مقدّمة العبادات ، الباب 5 . [3] النساء ( 4 ) : 59 . [4] البيّنة ( 98 ) : 5 . [5] مصباح الفقيه ، الطهارة 2 : 135 137 .