خفاء الصوت ، وهو مطلق قد يتحقّق بالنوم وقد يتحقّق بغيره من إغماء أو جنون ؛ وذلك لأنّ الضمير يرجع إلى الرجل المحدث بالحدث المعهود ؛ أي الرجل الذي قد أغفى ، فلا دلالة له على الإطلاق ، مضافاً إلى أنّ خفاء الصوت إنّما هو في الإغماء ونظائره ، دون الجنون وأشباهه . واستدلّ [1] له أيضاً ببعض الأخبار الواردة في النوم ، الدالَّة على أنّ النوم الناقض هو النوم المزيل للعقل ، كما في صحيحة زرارة المتقدّمة [2] ؛ بدعوى ظهورها في إناطة الحكم بزوال العقل ، وهو موجود في الجنون والسكر بطريق أولى ، ولكن لا يخفى أنّ التقييد بإزالة العقل إنّما هو لتحديد النوم الناقض ، فلا دلالة فيه - بل ولا إشعار على العلَّيّة ؛ وكونه مناطاً للحكم أصلًا . في المراد من العقل ثمّ لا يذهب عليك : أنّ المراد بالعقل الزائل بسبب النوم هو الإدراك والإحساس ، وإلَّا فالنائم لا يكون فاقداً للقوّة العاقلة ، والفرق بين النائم والمجنون - مع اشتراكهما في عدم الإدراك هو أنّ المجنون يكون تعطيل قواه مستنداً إلى الاختلال الحاصل فيها ، بخلاف النائم ، فإنّه لم يعرض له بسبب النوم اختلال أصلًا ، كما هو واضح . وحينئذٍ فالمراد بالعقل الذي أُنيط الحكم بزواله - على تقدير تسليم استفادة العلَّيّة هو الإدراك ، كما عرفت ، وذهابه بهذا المعنى إنّما يتحقّق في بعض صور الإغماء فقط ، ولا يشمل جميع الفروض .
[1] انظر مدارك الأحكام 1 : 149 ، جواهر الكلام 1 : 409 ، الطهارة ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 1 : 409 ، مصباح الفقيه ، الطهارة 2 : 29 . [2] تقدّم في الصفحة 277 .