قبل عروض شيء منها ؛ من دون أن يحدث فيه بسببها حالة وجوديّة اعتبرها الشارع أو العقلاء . وبالجملة : فحيث إنّ بعض الأجسام بل وأكثرها ، يكون نظيفاً بمقتضى طبيعتها الأوّليّة وواقعاً في مقابل القذارات ، فتطهيره - بعد عروض شيء منها عليه ليس إلَّا عبارة عن إرجاعه إلى مقتضى طبيعته ؛ من دون أن يحدث فيه حالة أخرى ، كما لا يخفى . وأمّا الطهارة عن القذارات التي لا تكون عند العقلاء قذراً ، ولا يجتنبون عنها أصلًا ، كيد الكافر والخمر والكلب والخنزير ونظائرها ، فالظاهر أنّ إيجابها إنّما هو لرعاية بعض المصالح والمفاسد ، لا لحصول حالة فيه ، فإنّ الحكم بتطهير الملاقي مع يد الكافر بنحو تتحقّق السراية ، إنّما هو حكم سياسي مشروع لغاية عدم حصول الاختلاط بينهم وبين المسلمين ، أو نظائر هذه الغاية ، لا أن يكون في اليد حالة حادثة بعد ملاقاة يد الكافر ؛ يجب أن ترفع تلك الحالة بإحداث حالة أُخرى . في حقيقة الطهارة الحدثيّة وأمّا الطهارة عن الحدث الأصغر ، فالظاهر كونها أمراً وجوديّاً مترتّباً على الوضوء بالمعنى المذكور ، كما يظهر بالتتبّع في الأخبار والتعبيرات الواردة في لسانها ، مثل : أنّه نور [1] ، أو أنّه يأمر الله بالوضوء والغسل ، فيختم عليه بخاتم من خواتيم ربّ العزّة [2] ، كما في بعض الأخبار ، وكما يقال : انتقض الوضوء بكذا
[1] الفقيه 1 : 26 / 82 ، وسائل الشيعة 1 : 377 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 8 ، الحديث 8 . [2] تفسير الإمام العسكري ( عليه السّلام ) : 521 522 ، وسائل الشيعة 1 : 398 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 15 ، ذيل الحديث 21 .