responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كتاب الطهارة نویسنده : الشيخ محمد علي الأراكي    جلد : 1  صفحه : 491

إسم الكتاب : كتاب الطهارة ( عدد الصفحات : 707)


أقول : لعلَّه - قدّس سرّه - استند في ذلك إلى رواية زرارة عن أبي عبد الله - عليه السّلام - « قال : سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير ويستقى به الماء من البئر هل يتوضّأ من ذلك الماء ؟ قال : لا بأس » ، ومقصوده - قدّس سرّه - بالإجماع الإجماع على المدرك وهو حجيّة الخبر الواحد المحفوف بقرينة الصدق ، فإنّ إرادة هذا كان شائعا بين المتقدّمين ، وهذا وجه الجمع بين الإجماعات المتناقضة في كلمات جماعة أو كلام واحد .
وهذا القول ضعيف لما تقدّم ، والرواية المذكورة لا تدلّ على المدّعى من طهارة شعر الخنزير وإن فرض رجوع الإشارة في قوله : « ذلك الماء » إلى ماء الدلو كما هو الظاهر دون ماء البئر ، وذلك لأنّ الحكم بعدم البأس لأجل أنّ تقاطر الماء من الحبل المذكور إلى ماء الدلو في أثناء الخروج من البئر غير معلوم وتقاطره في حال الاتّصال بماء البئر غير منجّس .
بقي الكلام في استثناء البحري [1] من الجنسين ، فاعلم أنّ عنوان الكلب



[1] اعلم أنّ للأخذ بمقدّمات الحكمة ، لحمل المطلقات الموضوعة للطبيعة المهملة لا المطلقة ، وبعبارة أخرى الغير الدالَّة على المطلقة لا وضعا ولا انصرافا شرط هو غير الانصراف الذي مرجعه إلى التقييد ، وغير القدر المتيقّن في مقام التخاطب الذي يعتبر عدمه بعض الأساتيذ - طاب ثراه - ، نعم هو بعض أفراد القدر المتيقّن المذكور وهو كون القيد بحيث لا يحتاج إلى ذكره لعدم ابتلاء المكلَّفين بضدّه وعدم وجوده في الخارج إلَّا نادرا وصار التقييد لغوا مستهجنا ، نظير تقييد الماء بالعذبية ، وإن كان الوجه في هذا هو الانصراف ولكنّه يشترك لما نحن فيه في هذا المعنى . وبالجملة : فحينئذ لا يجري مقدّمات الحكمة ، ووجهه أنّ منها أنّه لو كان القيد دخيلا في غرض المتكلَّم - والمفروض كونه بصدد البيان - لذكر ، إذ مع هذا لو لم يذكره لزم نقض الغرض ، وهذا اللازم أعني نقض الغرض لا يلزم هنا ، فلو حصل الابتلاء نادرا بضدّ القيد المفروض لا يمكن التمسّك بإطلاق الكلام ، لإدخاله تحت الحكم ، وذلك مثل قولك : الكلب والخنزير نجسان ، فإنّهما ليسا بمنصرفين إلى البرّي دون البحري ، ولكنّ الابتلاء للعامّة إنّما هو بالبرّي بحيث الكلام ، إذ لا يلزم عليه نقض غرض لو لم يسمّ في كلامه هذا القيد وهو البريّة لو كان في غرضه دخيلا ، فلا يتمّ هذه المقدّمة . وهذا أيضا جار في الحيوان المتولَّد من الحيوانين في جميع صوره ، فإنّ دليل طهارة الغنم مثلا لا يمكن التمسّك بإطلاقه إلَّا للغنم الذي كان أبواه غنمين ، إذ لو كان هذا القيد دخيلا في الحكم لم يضرّ عدم التسمية والتقييد ولم يلزم نقض الغرض . فإن قلت : ما الفرق بين هذا وما تقولون في الأصول من إطلاق المادّة في قيد القدرة وتستكشفون من عدم التقييد بالقدرة أنّها غير دخيلة في أصل المطلوب والغرض وإن كان التكليف لا يحسن إلَّا معها ، وتتفرّعون على ذلك آثارا ، منها القضاء على من نام عن الصلاة في تمام الوقت ، ومنها باب المتزاحمين وغير ذلك ، فهذا الإطلاق أيّ مانع من الأخذ به هاهنا بالنسبة إلى قيد الابتلاء ؟ فيقال : التكليف وإن كان لا يحسن إلَّا بما هو محلّ الابتلاء ، لكن إطلاق المادّة يدلّ على أنّ الغرض متعلَّق بالأعمّ من المبتلى به وغيره . قلت : لا نقول بذلك هناك من باب المقدّمات ، وإنّما نقول : بأنّ من يطلب شيئا يذكر في اللفظ جميع القيود التي لها دخل في المطلوب ، وكلّ قيد يذكر فيه راجع إلى المطلوب ، فإذا صار اللفظ مطلقا وبلا قيد صار بحسب العرف ظاهرا في إطلاق الغرض والمطلوب وإن كان هذا القيد الغير المذكور هو القدرة التي هو شرط حسن الطلب ، وهذا الظهور مخصوص بخصوص هذا الشرط ، ولعلَّه لا يجري في كلّ ما يعتبر في حسن الطلب . وإذن فلا بدّ من الرجوع في الحيوان المتولَّد من الحيوانين إلى الأصول والقواعد ، فإن قلنا بأنّ الجنين في بطن الكلب نجس ، فلا مانع من استصحاب النجاسة بعد الولوج والخروج والتولَّد ، وأمّا إن شكّ في الطهارة والنجاسة حال الجنينيّة فربّما يقال : إنّه حال المنويّة وكونه مضغة كان نجسا ، فالاستصحاب مقتض للنجاسة ، ولا يضرّ تبدّل الموضوع فإنّا نحكم في أوّل زمان الشك الذي يكون أوّل زمان التبدّل ولم يصل بحدّ تبدّل الموضوع بالنجاسة الاستصحابيّة ، ثمّ في الزمان الثاني الذي حصل تبدّل الموضوع الأوّل ولم يصل إلى حدّ تبدّل الموضوع في الزمان الثاني باستصحاب هذه النجاسة الاستصحابيّة ، وهكذا نستصحب الحكم المستصحب في الثالث في الزمان الرابع وهكذا نجري الاستصحاب في الاستصحاب إلى حال الخروج والتولَّد . والجواب : أنّ استصحاب الحكم الظاهري سواء كان استصحابيّا أم غيره غير صحيح ، أمّا فيما إذا لم يكن في البين مثل هذه التبدّلات كما لو كان إناء محكوما بالطهارة بقاعدة الطهارة أو استصحابها ، فوقع قطرة دم لم يعلم وقوعها فيها أو في الأرض مثلا فلا يصحّ استصحاب الطهارة الجائية من قبل أصالة الطهارة أو استصحابها ، فلأنّ الشكّ ما دام موجودا فالحكم الأصلي مقطوع ، فإنّ غاية قاعدة الطهارة واستصحابها وسائر الأصول هو العلم بالخلاف ، وبعد وقوع القطرة الشكّ باق بحاله ولم يتبدّل بالعلم ، فبقاء حكم الأصل في الزمان الثاني مقطوع لمقطوعيّة موضوعه وهو الشكّ ، فليس في البين شكّ في بقاء الحكم الظاهري السابق حتّى يستصحب . نعم لو احتمل النسخ صحّ الاستصحاب . وأمّا فيما إذا كان فيه مثل هذه التبدّلات ، فلأنّه وإن كان في أوّل زمان التبدّل الجزئي وحصول الشكّ في الحكم يصحّ استصحاب الحال السابق كالنجاسة فيما نحن فيه ، إلَّا أنّ استصحاب المستصحب في الزمان الثاني في الزمان الثالث لا يخلو من حالين ، لأنّه إمّا يحرز تبدّل الموضوع في الأوّل في الثالث أو يشكّ ، وإمّا يحرز بقائه ، فإن أحرز التبدّل أو شكّ فارتفاع الحكم الاستصحابي في هذا الزمان الثالث مقطوع ، لأنّ الحكم الاستصحابي عبارة عن « أبق حكم الموضوع في الزمان الأوّل » والمفروض عدم تمشّي هذا الحكم في الزمان الثالث أمّا لإحراز التبدّل أو الشكّ ، وإن أحرز بقاء الموضوع ، فبقاء الحكم الاستصحابي مقطوع فلا مورد أيضا للاستصحاب في الاستصحاب . ثمّ بعد ذلك ربّما يقال : بأنّه بعد خروج الحيوان المذكور يقطع بنجاسته إمّا ذاتا ، لأنّ المفروض الشكّ في نجاسته كذلك وعدم تحقق طهارته الذاتية ، وإمّا لملاقاته مع الكلب ، فبعد التطهير يجري استصحاب بقاء أصل النجاسة ، فإن قلنا : بأنّ النجس الذاتي يقبل النجاسة العرضيّة يكون من باب استصحاب الكلي من القسم الثالث الذي يقول بجريانه شيخنا المرتضى - طاب ثراه - وإن قلنا : بعدم قبوله للنجاسة العرضيّة فيكون من باب استصحاب الكلَّي القسم الثاني . ونظائر ذلك كثيرة ، كما لو تردّد إنسان بين المسلم والكافر ثمّ لاقاه نجس برطوبة فبعد التطهير يجري هذا الكلام ، ومنه أيضا فأرة المسك المتقدّمة على تقدير الشك في أصل الجزئيّة من ابتداء الأمر واحتمال كونها كالبيضة من أوّل التكوّن إذا انفصلت من الميتة ، لأنّ موضع ملاقاتها بعد التطهير يجري فيه هذا الكلام لو قلنا بعدم جريان استصحاب عدم الجزئية الأزليّة ، وإلَّا فهو مقدّم لكونه موضوعيّا وحاكما وسببيّا . ومنه أيضا ما لو احتمل كون الماهوت وسائر الأقمشة المشكوكة من وبر الخنزير فلاقاها نجس فبعد التطهير يجري هذا الكلام . نعم لا يجري هذا الكلام فيما إذا كان في البين أصل موضوعي كما إذا احتمل كون المرأة التي تكون تحت حبالة شخص مرضعة لشخص آخر ، فبعد الطلاق يجري فيه هذا الكلام بالنسبة إلى محرميّتها على الشخص الثاني ، ولكنّ الأصل الموضوعي هنا وهو أصالة عدم الرضاعة يسهّل الخطب . وكذا الكلام في ما إذا علم تنجّس الثوب مثلا بنجاسة يحتاج إلى غسلة واحدة ، واحتمل وقوع قطرة بول أيضا عليه فغسل مرّة واحدة ، فيجري فيه هذا الكلام لكن المقدّم استصحاب عدم وقوع البول ، وكذا لو احتمل مقارنا للغسلة الثانية في النجاسة البوليّة وقوع قطرة بول أيضا يجري الكلام ويجري الأصل الموضوعي أيضا . والجواب عن هذا الاستصحاب في هذا المقام والمشكوك الكفر والمشكوك كونه من وبر الخنزير ، وأمثالها أنّ الترديد ليس بحاصل من أوّل الوجود بين النجاسة الذاتية والعرضيّة ، فإنّ الجنين المذكور حال كونه في بطن الكلب ليس فيه إلَّا احتمال النجاسة الذاتيّة دون العرضيّة للقطع بعدم تأثير ملاقاة الكلب في الباطن ، وكذا الحال في سائر الأمثلة ، وإذن فأصالة الطهارة قبل حصول سبب النجاسة العرضيّة جارية ومحلَّلة للعلم الإجمالي ، إذ بعد أن صار الشيء محكوما بالطهارة بحكم الشرع فمن آثار ذلك أنّه يتأثّر بملاقاة النجس ويعرض عليه النجاسة ، وكذلك من آثاره أنّه بعد التنجس المزبور يطهر بالتطهير ، فهذا الأصل يرفع احتمال النجاسة الذاتيّة ويعيّن الأمر في النجاسة العرضيّة ، فيرتفع الإجمال بسببه من البين . نعم لو كان شيء من أوّل الوجود مردّدا بين الأمرين ثمّ ما ذكر من استصحاب الكلَّي ، وإذن فالحكم في مسألتنا - بعد أنّ الحكم بنجاسة الكلب لا يدلّ على نجاسة الجنين في بطنه لأنّه شيء منفصل عنه مثل البيضة في الطير ، ولا يمكن التمسّك أيضا ب « ذكاة الجنين ذكاة أمّه » حيث يدلّ على أنّ النجاسة الموتيّة تسري من الأمّ فيما إذا كان قابلا للتذكية إلى الجنين فيفهم أنّ النجاسة العينيّة أيضا كذلك لوضوح أنّه قياس - ليس إلَّا الطهارة بقاعدتها . منه - رحمة الله عليه .

491

نام کتاب : كتاب الطهارة نویسنده : الشيخ محمد علي الأراكي    جلد : 1  صفحه : 491
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست