المورد حاكما على القاعدة في هذا المورد ، وذلك لما عرفت من أنّ الاستصحاب وغيره من الأصول إذا جرى في أحد طرفي العلم الإجمالي فهو ساكت عن الطرف الآخر ، إذ إثبات الحكم فيه لا يتم إلَّا على حجية الأصل المثبت . وأمّا لو كان الأصلان مثبتين للتكليف بأن يكون كلا الإناءين مستصحب النجاسة فيعمل بكليهما ، إذ لا يلزم من العمل بهما مخالفة قطعية عمليّة للتكليف المعلوم إجمالا ، والمخالفة الالتزامية غير مضرة ، ففي ما إذا كان أمارة على أحد الطرفين أو كان الأصلان مثبتين للتكليف أو أحدهما مثبتا له والآخر نافيا فلا كلام ، وأمّا إن كان كلاهما نافيين للتكليف فلا يجوز استعمالهما في غير الوضوء ممّا يشترط فيه الطهارة ، وأمّا الاستعمال الوضوئي بهما فيختلف باختلاف الصور فإنّ هنا ثلاث صور : الأولى : أن لا يسع كل من الإناءين إلَّا لوضوء واحد بأن كان المجموع وافيا لوضوئين فقط ، ففي هذه لا يجوز استعمالهما في الوضوء ، إذ المكلَّف يكون بعد استعمالهما محكوما ببقاء حدثه بالاستصحاب ومبتلى بنجاسة البدن قطعا ، إذ لو كان الأوّل طاهرا ارتفع حدثه به ، لكن ينجس بدنه بالثاني ، وإن كان الثاني طاهرا لم يرتفع حدثه لنجاسة المحلّ حين ملاقاة الثاني وينجس بدنه أيضا ، فالنجاسة قطعية والحدث محتمل الارتفاع ومستصحب البقاء ، فلا فائدة في استعمالهما حينئذ . الثانية : أن يسعا لأن يتوضّأ من أحدهما ثمّ يطهر مواضع الملاقاة بالآخر ثمّ يتوضّأ به ، فالاستعمال على هذا النحو حيلة لتحصيل الطهارة الحدثية بهذين الماءين ولا يشكل بعدم تمشي قصد القربة حالهما ، إذ حرمة الاستعمال للماء النجس ليست ذاتية ، بل هي بمعنى عدم الفائدة فيمكن أن يقصد القربة بمجموع هذين