الاضطراب ، وقد عرفت أنّ الصحّة في هذه الصورة مطابقة للقاعدة ، وإذا جاء الاحتمالان كان القدر المتيقّن هو صورة الأمن من الاضطراب ويبقى غيرها بلا دليل . وأمّا الطائفة الثانية فالأمر فيها بالعكس ، بمعنى أنّ المتيقّن منها صورة معرضيّة السفينة للحركات العنيفة والاضطرابات الشديدة بقرينة ما ذكر فيها من التفصيل بين القيام عند إمكانه والقعود مع عدمه ، فإنّ عدم إمكان القيام إنّما يكون لأجل اضطراب السفينة شديدا ، فالمتيقّن من مورد الكلام هو السفينة المضطربة ، ففيها حكمت بأنّه مع القدرة على الخروج بتوسّط آلة كالبلم يجب عليه الخروج والصلاة في الشطَّ ، وإلَّا فيصلَّي فيها إمّا قائما وإمّا قاعدا . ولعلّ عدم ذكر القيام مع الاستقرار من المراتب والاقتصار على القيام والقعود أيضا شاهد على إرادة الاضطراب ، فإنّه لا ثالث لهذين على هذا الفرض ، وإلَّا فكان اللازم أن يقول : يصلَّي قائما مطمئنّا ، وإن لم يمكن فمتزلزلا ، وإن لم يمكن فجالسا ، فإسقاط الأوّل ليس إلَّا لأجل أنّ مفروض الكلام صورة التزلزل والاضطراب ، ولا أقلّ من أنّه القدر المتيقّن من هذه الطائفة ، فيبقى صورة الطمأنينة والاستقرار خاليا عن الدليل على المنع . لا يقال : إنّ ما ذكرت من القدر المتيقّن في الطائفتين لا يضرّ بالأخذ بإطلاقهما على ما قرّرت في الأصول من عدم إضرار ذلك بمقدّمات الأخذ بالإطلاق . لأنّا نقول : إنّما لا يضرّ إذا كان في البين إطلاق ، وأمّا إذا لم يكن إلَّا كلام واحد ذو وجهين ، فليس لنا إطلاق حتّى يؤخذ به ، والحاصل أنّ ما نحن فيه من باب إجمال الدلالة ، لا من باب وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب