والمستفاد من هذا أنّ الموضوع المجعول في حقّه صلاة الأربع والثلاثين هو الذي جعل في حقّه فريضة السبع عشرة ، وظاهره كون ذلك بنحو التعيين ، أو هو الحاضر ، فإنّه الذي فرضه التعييني هو السبع عشرة . وأمّا المسافر في المواطن الأربع فليس المجعول التعييني في حقّه ذلك ، نعم يشرع له ذلك ، وظاهر الأخبار المذكورة هو الجعل التعييني . ألا ترى أنّه لو قيل : فرضك سبع عشرة ، كان ظاهرا في التعيين ؟ فكذلك لو قيل : جعلت صلاة أربع وثلاثين تكميلا لفرض سبع عشرة ركعة ، كان ظاهرا في التعيين ، فلا يكون الكلام شاملا لمطلق الجعل الأعمّ من التخيير الثابت في المواطن الأربعة ، هذا حال الأدلَّة الحاكية لأصل جعل النوافل . وأمّا الحاكية لإسقاطها عن المسافر فالمذكور فيها أيضا قولهم عليهم السّلام بعد السؤال عن الصلاة تطوّعا في السفر : « لا تصلّ قبل الركعتين ولا بعدهما شيئا نهارا » [1] . وفي آخر : « الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء » [2] . وظاهرهما أيضا هو صورة تعيينيّة الركعتين . فيكون المسافر في المواطن الأربع خارجا عنها ، كما كان خارجا عن الأخبار الأول ، فيبقى المرجع فيه الأصل ، ويكفي في العدم الشكّ في الثبوت وعدم الدليل على المشروعيّة ، هذا . ولكن يمكن استفادة المشروعيّة أو الاستيناس لها ببعض الشواهد .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث 1 . [2] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث 2 .