يقال بانصراف النهي عن الصلاة فيه إلى تقرير نجاسته وإمضاء ما ارتكز في الأذهان العرفيّة . هذا كلَّه مضافا إلى ما يدّعى من أنّ من المعلوم من سيرة المسلمين عدم الاجتناب عن ميتة ما لا نفس له مثل ميتة الذباب والجعل والخنفساء والجراد ونحو ذلك . وكيف كان فلو شكّ في جلد أنّه من المذكَّى أو الميتة فلا إشكال في أنّ مقتضى الأصل هو الحكم بالثاني ، لأنّ الموت أمر عدمي وهو عبارة عن عدم حصول التذكية المعتبرة شرعا في حلّ الحيوان عند إزهاق روحه . ولكن هذا بالنسبة إلى ما إذا كان الحيوان الذي أخذ الجلد منه مشكوك الحال ممّا لا إشكال فيه ، سواء جعلنا التذكية عبارة عن نفس الأفعال الخارجيّة من فري الأوداج الأربعة مع إسلام الذابح واستقباله وتسميته وكون الآلة حديدا ونحو ذلك ، أم جعلناها عبارة عن الأمر البسيط المتولَّد من هذه الأفعال ، إذ على التقديرين نقول : لم يكن هذا المعنى الحادث متحقّقا في هذا الحيوان ، والآن أيضا كما كان ، فيثبت له جميع أحكام غير المذكَّى . وإنّما الكلام بالنسبة إلى ما إذا لم يكن لنا في الخارج حيوان شككنا في حاله وأنّه مذكَّى أو ميتة ، كما لو رأينا حيوانا مخصوصا مذبوحا بالشروط المقرّرة ، وحيوانا معيّنا آخر غير مرعي فيه تلك الشروط ، فشككنا في الجلد أنّه أخذ من أيّهما ، فإنّه ليس لنا أن نشير إلى الحيوان الذي منه أخذ هذا الجلد ، ونقول : نشكّ في كونه مذكَّى أو ميتة ، فالأصل عدم تذكيته ، لأنّا حسب الفرض نقطع في هذا المعيّن بالتذكية ، وفي ذاك المعيّن بعدمها ، ولا ثالث يحتمل كون الجلد منه ، فلا معنى لقولنا : إنّا نشكّ في الحيوان المأخوذ منه هذا الجلد .