تصوير الشبهة المصداقيّة لنقض اليقين بالشكّ توضيح ذلك يحتاج إلى مقدّمة وهي أنّه لو فرضنا إناءين من الماء مقطوعي النجاسة ثمّ قطعنا بطهارة أحدهما المعيّن بنزول الغيث مثلا أو الاتّصال بالكرّ أو الجاري مع المزج ، ثمّ رأينا قطرة قطرت على لباسنا ونقطع بأنّها من الإناءين المذكورين ولكن نشكّ في أنّها من أيّهما فلا شكّ أنّ هذه القطرة يحتمل كونها من القطرات التي نحن نقطع فعلا بكونها طاهرة قطعا تفصيليّا ، فإنّ الإناء المعيّن الذي وقع الغيث فيه نشير إلى جميع قطراته بالإشارة التفصيليّة ونحكم عليها حكما جزميّا بالطهارة ، فمع وصف احتمال كون هذه القطرة الواقعة على اللباس من تلك القطرات الموصوفة بالمقطوعيّة التفصيليّة الفعليّة بالطهارة كيف يصحّ لنا أن نقول : هذه القطرة كانت نجسة في السابق قطعا ، والآن نشكّ في حصول الطهارة لها ، فلا يصحّ لنا نقض ذلك اليقين بالنجاسة السابقة إلَّا باليقين بالطهارة ، وليس لنا في هذه القطرة يقين بالطهارة ، فإنّ الحكم بعدم اليقين بالطهارة فيها لا يصحّ ، لأنّه من المحتمل أنّه مورد قطعنا الفعلي التفصيلي وإشارتنا التفصيليّة إلى جميع قطرات ذلك الإناء بالحكم بالطهارة . فإن قلت : يلزم عليك عدم جريان استصحاب الطهارة الحدثيّة لمن تيقّن بالوضوء وشكّ في أنّه بال ، ولكن نقطع بأنّه لو بال لكان في حال العلم والالتفات ، فإنّه حينئذ يجري فيه ما ذكرت حرفا بحرف ، لأنّه يحتمل أنّ يقين الطهارة انتقض في حقّه بيقين الحدث ، فكيف يحكم جزما بأنّ معاملة الحدث فعلا نقض لليقين بالشكّ ، مع أنّه يحتمل تخلَّل اليقين في البين .