بالخبر المقطوع بمخالفته للواقع . ثم قال في الرياض : ولعله مراد من علل المنع بنفس الاقرار بالكذب المطلق لاحتماله ، كالحلي وغيره ، وإلا فيشكل الحكم باطلاق الكذب ، فقد يعلم الشاهد باقراره ويحصل له القطع به من إشارته ، فلا يكون كذبا فكيف يعلل به ؟ اللهم إلا أن يكون المراد إن الاقرار حقيقة في الاخبار عن الحق باللفظ الدال عليه ، بحكم التبادر وغيره ، فيكون بالإشارة مجازا ، وإرادته من الاقرار المطلق المنصرف إلى اللفظ بغير قرينه غير جائز ، واطلاقه من دونهما يعين كونه كذبا . وفيه نظر فإن خرسه قرينة حال واضحة [1] على إرادته بالاخبار بالإشارة من الاقرار دون الحقيقة ، فلا كذب . انتهى كلام الرياض . واعترضه في الجواهر بعد نقله بقوله : قلت : قد يقال : أولا : إن إشارة الأخرس كاللفظ من غيره ، فيكتفي بالظاهر منها ، كما يكتفي بالظاهر منه في جميع المواضع ، ولكن الانصاف عدم خلو هذا عن النظر . أقول : وجه النظر هو الفرق بين الكلام والإشارة ، إذ ليست الإشارة كاللفظ في الظهور ، فإن الإشارة يفهم المراد منها بمعونة القرائن ، وهي مختلفة فبعضها يفيد العلم وبعضها لا يفيده ، بخلاف اللفظ فإنه إن كان ظاهرا في معناه فبنفسه ، وحينئذ لا يعبأ العقلاء باحتمال إرادة المعنى المخالف للظاهر . وبعبارة أخرى اللفظ ظاهر في معناه بالوضع ، وظهور الإشارة بالقرينة ، وهي قد يخطأ فيها ، وقد لا تفيد العلم بالمعنى .
[1] أي : أنه إذا قال : قد أقر الأخرس . كان معناه : أشار ، لا أنه تلفظ ، لوضوح أن الأخرس لا يمكنه النطق .