كما إذا ذهب مولاه إلى الحج وخرج العبد معه ليخدمه في طريقه إلى البيت ولبس مع مولاه ثوبي الإحرام ، فلا مانع من أن يعمل كيفما شاء من الأعمال والأفعال والأقوال ، فإذا لا يلزم من إتيانه بالحج تصرف في سلطنة المولى لا من نيته ، ولا من تلبيته ، ولا من لبسه ثوبي الإحرام ، ولا من كل شيء من اعماله . ولو لم نقل بهذا الانصراف للزم ان يكون جميع ما يصدر منه - من الأفعال والأقوال وغيرهما - متوقفا على اذن مولاه - حتى مثل الصلوات على محمد وآل محمد ، والصلاة ركعتين مستحبا - فلا يجوز له أمثال ذلك إلا بإذن مولاه ولم يلتزم به أحد من الأصحاب - رضوان اللَّه تعالى عليهم - فالأقوى جواز كل ما يكون من هذا القبيل له كالنظر إلى السماء مثلا ، والتكلم بكلام لا يضر مولاه ونحوها . وعليه ثبوت الوفاق والاتفاق قديما وحديثا ، والسيرة المستمرة كما لا يخفى . ولكن التحقيق أن الحج ليس مثل الصلوات على محمد وآل محمد ونحوها ، وليست الإطلاقات الدالة على حرمة فعله بدون اذن مولاه منصرفة عنه لعدم كون الحج بأدون من الطلاق الذي حكم الامام - عليه السلام - : فيه بأنه ليس له الطلاق بدون اذن مولاه ، مستشهدا بقوله تعالى : « * ( ضَرَبَ الله مَثَلًا ) * . إلخ » فقال الراوي : « أفشيء الطلاق ؟ » قال - عليه السلام - : نعم ، هذا والإطلاقات انما تكون منصرفة عن الأمور التي تعد عرفا أمورا جزئية بحيث لا يقال لها شيء ، كالنظر إلى السماء ، والى الأرض ، وكمكالمته مع شخص ، وكالصلوات على محمد وآل محمد ، وكالأذكار والأوراد الواردة في الشريعة ، ونحو ذلك من الأمور . واما الأمور الغير الجزئية - كالحج ونحوه مما ليس بأدون من الطلاق - فانصراف الإطلاقات عنها ممنوع . ( الثاني ) - الأخبار الخاصة - الواردة في خصوص ما نحن فيه - منها : 1 - عن آدم بن علي عن أبي الحسن موسى - عليه السلام - قال : ليس على المملوك حج ولا جهاد ولا يسافر إلا بإذن مالكه [1] . ولكن يمكن المناقشة في هذا الخبر : بأن القدر المتيقن من الاستثناء المتعقب به
[1] الوسائل - ج 2 ، الباب 15 - من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث 4