من الأمور التوصلية التي لا يعتبر في تقومها ذلك فعليه لا مانع من انعقادها من كل أحد . ان قلت : إن خصوص صيغة النذر تقتضي اعتبار القربة فيه وهو قول الناذر : « للَّه على كذا » وذلك لأن مفادها هو الالتزام بالفعل أو الترك للَّه تعالى والقربة المعتبرة في العبادة ليست الا ذلك المعنى ، فعليه يكون النذر من التعبديات لا من التوصليات ، فيحكم بعدم انعقاد النذر من الكافر ، لعدم تحقق شرطه منه وهو قصد القربة . قلت : ( أولا ) : بالنقض ، لأن القول به في النذر يوجب الالتزام به في أخويه أيضا لعدم الفرق بين كلمة : « للَّه على كذا » في النذر . وكلمة : « عاهدت اللَّه » في العهد ، وكلمة : واللَّه « على كذا » في اليمين ، فلا بد من اعتبار قصد القربة في اليمين والعهد مع أن المشهور لم يلتزموا بذلك فيهما . هذا إذا لم نقل بان في صيغة النذر خصوصية . و ( ثانيا ) : بالحل ، لأن مفاد صيغة النذر وأخويه هو إنشاء التزام العبد بفعل أو ترك له سبحانه وتعالى - بحيث يصير بالإنشاء المزبور مديونا له تعالى والملتزم به مملوك له عز وجل - فاللام في قوله : « للَّه على كذا » للملك بالمعنى المناسب له تعالى شانه نظير اللام في قوله تعالى * ( « ولِلَّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْه سَبِيلًا » ) * [1] ولا تدل على اعتبار القربة في شيء من النذر وأخويه ، ومجرد كون شيء للَّه تعالى لا يقتضي عباديته والا يلزم عبادية جميع الواجبات الشرعية وعدم توصلية شيء منها وهو كما ترى ، فالحق عدم اعتبار نية التقرب في النذر وأخويه وانعقادها ولو بداعي الشهوة . ولا ينافي هذا ما أفاده صاحب الجواهر ( ره ) في مبحث النذر في شرح قول المحقق طاب ثراه : « ويشترط مع الصيغة نية القربة » حيث قال : ( لا إشكال في اعتبار نية القربة فيه لكن لا على معنى قصد الامتثال بإيقاعه كغيره من العبادات التي تعلق الأمر بإيجادها على جهة الوجوب أو الندب ضرورة عدم الأمر به . إلى أن قال بل المراد بها ان شاء الالتزام بذلك للَّه لا لغرض آخر كما لا يخفى ) .