ذلك منافيا لحق المجني عليه وتبعه حق الجناية ويستقر الضمان بالأخرة على مالكه الأول ، فما نحن فيه ان كان من قبيل الأول لم يجز لهم التصرف في التركة ولو فرضنا كون الدين غير مستغرق . وإن كان من قبيل الثاني جاز لهم التصرف فيها ولو فرضناه مستغرقا والأقرب في النظر كون ما نحن فيه من قبيل الأول لوجهين : ( الأول ) - أنه لا إشكال في أن تعلق حق الغرماء بمال المفلس المحجور عن التصرف في حال حياته إنما يكون من قبيل تعلق حق الرهانة بالمال المرهون . ولذا يحكم بعدم جواز التصرف في ماله مطلقا ، أو خصوص التصرف المنافي ، لأن حق الديان إنما تعلق بماله لا بما هو هو بل بما أنه ملك له فكذلك الأمر فيما نحن فيه ، لعدم الفرق بينهما إلا موت المالك هنا دون المفلس وهذا لا يصلح فارقا بينهما إذ في المقام وإن مات المالك لكن قام الوارث مقامه كما ذكر في محله من أنه ( تارة ) يتبدل نفس الإضافة دون طرفها كما في الهبة و ( أخرى ) يتبدل طرف الإضافة اعني المال كما في البيع و ( ثالثة ) يتبدل الشخص المضاف اليه كما في الإرث وإن كان هذا التشقيق قابلا للمناقشة وتحقيقه موكول إلى محله . وكيف كان فلا يخفى ما في هذا الوجه لأن تنظير ما بعد الموت بما قبله قياس صرف ولا نقول به . ( الثاني ) - إن المفروض أن المديون الذي يطالبه الديان هو الميت فلا محالة يتعلق حقوقهم بماله بما أنه تركته لا بما هو هو ، فلهم الاستيفاء منه ولو فرض بيع ذلك المال من شخص آخر مع صحة البيع فبخروجه بالبيع من ملكه يخرج عن كونه متعلقا لحق الديان ، لعدم تعلق حقوقهم بمال المالك الفعلي فأخذهم المال من المشترى لا يكون استيفاء للحق الثابت على الميت بل يكون أخذا من غير من عليه الدين كما لا يخفى . فظهر أن تعلق حق الديان وكذلك حصة الحج بالتركة إنما يكون من قبيل تعلق حق للرهانة بالعين المرهونة ، فلا يجوز للورثة التصرف فيها قبل إخراجها ، لأن جواز النقل إلى الذمة يحتاج إلى الدليل وهو مفقود قوله قده : ( إلا إذا كانت واسعة جدا فلهم التصرف في بعضها حينئذ مع البناء