قد ورد دليل تعبدي على خلاف مقتضى القاعدة وهو الإطلاقات الدالة على أنه لو مات قبل الدخول في الحرم فيجب القضاء عنه لأنها بإطلاقها تشمل من مات في العام الأول من استطاعته كما افاده صاحب المستند ( قده ) حيث قال : ( لو مات المستطيع في طريق الحج فإن كان قبل الإحرام ودخول الحرم وجب القضاء عنه بشرط استقرار الحج في ذمته سابقا على المشهور ومطلقا على الأقرب المنصور ) . إلا أن يقال بانصرافها إلى من استقر عليه الحج . والتحقيق : أنه بدوي ناش عن انس الذهن بالفتاوى ومن استبعاد وجوب القضاء عمن مات في العام الأول من استطاعته ولا عبرة بهما . كما يمكن دعوى انصرافها إلى خصوص من مات في العام الأول من استطاعته . والتحقيق أن كلا من الانصرافين بدوي ، والإطلاقات - الدالة على وجوب القضاء - محكمة سواء مات بعد استقرار الحج عليه أم لا . وذهب المصنف ( قده ) إلى أن الأمر بالقضاء هنا للقدر المشترك بين الوجوب والاستحباب ، ففي صورة استقرار الحج يكون الحكم وجوبيا وفي صورة عدم استقراره يكون الحكم استحبابيا . و ( فيه ) : ( أولا ) : أن الأمر انما هو لإنشاء النسبة . أما الوجوب فهو أمر ينتزعه العقل من ظهور كلام المولى في كون إنشائه بداعي الجد لا بداع آخر ، وفي المحل المفروض لا بد من الأخذ بظاهر أمر المولى من كونه بداعي الجد مطلقا من غير فرق في ذلك بين صورة الاستقرار وعدمه ، الا أن تقوم قرينة على الخلاف ولم يثبت ذلك في ما نحن فيه . ان قلت : قامت القرينة على الخلاف في صورة عدم الاستقرار وهي أن مقتضى القاعدة عدم وجوب القضاء عنه ، لأن الحياة شرط عقلي في وجوب الحج حدوثا وبقاء فمع عدم بقائها يكشف عن عدم وجوب شيء عليه حتى يقضى عنه . قلت : إن الحياة وان كانت شرطا حدوثا وبقاء إلى زمان يفي بتمام الأعمال في صحة توجه الخطاب ولكن لا مانع عقلا من قيام دليل تعبدي على كفاية حياته إلى ما قبل دخول