داخلا في باب مزاحمة الواجب مع المستحب حتى يقال بتقديم الواجب ، وذلك لأن التزاحم إنما يكون فيما إذا كان الواجب والمستحب في عرض واحد فيقدم الواجب عليه وهذا بخلافه في مفروض البحث . لان الواجب يكون في طول المستحب ويكون ذلك رافعا لموضوعه . وبالجملة فالعمدة في دليل اعتبارها في تحقق الاستطاعة هو دليل نفي العسر والحرج ، وعلى هذا لو فرضنا عدم لزوم ذلك من ترك نفقتهم فلا بد من الحكم بعدم اعتبارها ، لعدم دليل تعبدي على اعتبارها مطلقا . هذا كله بناء على المناقشة في جميع ما سيأتي من الأخبار ، والا فلا بد من القول باعتبارها مطلقا . ثم ، إن مؤنة العيال على فرض اعتبارها مطلقا لا يعتبر وجود ثمنها دفعة واحدة بل لو كان له مثلا بستان يفي بنفقة عياله من منافعه تدريجا كفى . [ المسألة الثامنة والخمسين أدلة اعتبار الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة ] قوله قده : ( الأقوى وفاقا لأكثر القدماء اعتبار الرجوع إلى كفاية . ) . ( 1 ) قد اختلفت كلمات الأصحاب - رضوان اللَّه تعالى عليهم - في اعتبار الرجوع إلى الكفاية وعدم اعتبارها على قولين : ( الأول ) - ما ذهب اليه صاحب المبسوط - رضوان اللَّه تعالى عليه - حيث قال : ( والزاد والراحلة شرط في الوجوب والمراعى في ذلك نفقته ذاهبا وجائيا وما يخلفه لكل من يجب عليه نفقته على قدر كفايتهم ويفضل معه ما يرجع اليه يستعين به على أمره ، أو صناعة يلتجئ إليها ، فإن كان ضياع ، أو عقار ، أو مسكن يمكنه أن يرجع إليها ، ويكون قدر كفايته لزمه . إلخ ) . ووافقه على ذلك صاحب المستند ( قده ) حيث قال : ( الحق اشتراط الرجوع إلى ضيعة ، أو بضاعة ، أو عقار ، أو نحوها مما يكون فيه الكفاية عادة ، بحيث لا يحوجه صرف المال في الحج إلى السؤال بعد العود . وفاقا للشيخين ؛ والحلبي ؛ والقاضي ؛ وبنى زهرة ؛ وحمزة وسعيد ، وهو ظاهر الصدوق أيضا . وفي المسالك : أنه مذهب أكثر المتقدمين . وفي الروضة : أنه المشهور بينهم . وفي المختلف : ذلك نقله السيد عن الأكثر . وعن الخلاف ، والغنية : إجماع الإمامية عليه ) .