هذا ولكن مع ذلك في النفس شيء وهو يلجئنا إلى حمل صحيح هشام المتقدم الدالة على وجوب الحج بالبذل ولو على حمار أجدع أبتر المطابق مضمونه لغيره من الضعاف الواردة في المقام على بعض المحامل التي أشرنا إليه سابقا في المباحث المتقدمة فعليه لم يبق في البين إلا صحيح محمد بن مسلم ولكنه أيضا لا يدل إلا على أن بالبذل يتحقق الاستطاعة فيكون مضمونه مطابقا لما هو ظاهر معقد الإجماع المدعى في المقام . نعم ، تجري بالنسبة إلى القوة والضعف وكذا بالنسبة إلى الزاد بحسب القوة والضعف وبحسب الضعة والشرف . ثم لا يخفى : أن مقتضى إطلاق الأدلة عدم الفرق في وجوب الحج على المبذول له بمجرد البذل بين أن يكون البذل بالإباحة وبالتمليك ولا بين كون البذل واجبا على الباذل بنذر وشبهه وعدمه ، ولا بين بذل عين الزاد والراحلة وأثمانهما ، ولا بين كون الباذل موثوقا به وعدمه . ومن هنا ظهر ضعف ما ذهب اليه ابن إدريس على ما حكاه صاحب الجواهر وصاحب الدروس ( قد سرهما ) من تخصيص الحكم بصورة التمليك . وكذا ضعف ما ذهب اليه المحقق الكركي في جامع المقاصد من تخصيص الحكم بصورة وجوب البذل بنذر وشبهه . وكذا ضعف ما ذهب اليه الشهيد الثاني من تخصيص الحكم بما بذل عين الزاد والراحلة دون أثمانهما . وقال في المدارك : ( لا يبعد اعتبار الوثوق بالباذل لما في التكليف بالحج بمجرد البذل مع عدم الوثوق بالباذل من التعرض للخطر على النفس المستلزم للحرج العظيم والمشقة الزائدة فكان منفيا . ومال إلى ذلك صاحب الجواهر حيث قال : ( قد يقال باعتبار الطمأنينة بالوفاء أو بعدم الظن بالكذب حذرا من الضرر والخطر عليه ) . والتحقيق في ذلك أن يقال : مع عدم وثوقه بوفاء الباذل بالبذل ( تارة ) يكون في رواحة إلى الحج خوف تلف نفسه و ( أخرى ) لا يكون كذلك فعلى ( الأول ) لا ينبغي الإشكال في عدم وجوب الحج عليه وعلى ( الثاني ) يمكن القول بالوجوب لإطلاق نصوص الباب