من أين يخرج سهم أحدهما ؟ فقال زرارة : إذا كان ذلك جعل معه سهم مبيح - ويحتمل أن يكون منيح بالنون وهو أحد سهام الميسرة العشرة مما لا نصيب له - فإن كانا ادعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح [1] . وهذه الرواية وإن كان فيها إشكال من جهة ظهورها في التسالم بين زرارة والطيار على أن مورد القرعة ما إذا كان هناك محق واقعا ، مع أنك قد عرفت عدم الاختصاص به ، إلا أن ظهورها في أنه لم توضع القرعة على التجارب ، بل إنما هي فيما فوضوا أمرهم إلى الله تعالى ، لا ينبغي أن ينكر . ويستفاد من بعض الروايات المتقدمة اعتبار التفويض قبل القرعة ، ومن بعضها اعتباره بعدها ، ومن بعضها أن القرعة هي نفس التفويض إلى الله تعالى ، والمستفاد من المجموع بعد التأمل أن مورد القرعة ما إذا كان المراد الكشف عن الواقع ، أو تعين أحد الأمور ، وأما إذا كان المراد بها التجربة ونحوها ، فلا مجال لها ، والظاهر أنه ليس المراد لزوم التوجه إلى الله تعالى وطلب البيان منه [2] ، حتى يكون فيه شائبة العبادية ، بل المراد كون إعمالها لغرض جدي ومقصود أصلي ، وهو ما ذكرنا .
[1] التهذيب 6 : 238 ح 584 ، الوسائل 18 : 188 ب 13 من أبواب كيفية الحكم ح 4 . [2] ظاهر النصوص ذلك ، فلا يكفي مجرد الجد وعدم الاستهزاء من الله .