الفرق بين القرعة وبين الاستقسام بالأزلام الفرق بينهما هو الفرق بين التوحيد وبين الشرك ، ثم اعلم أنه يمكن أن يتوهم من لا نصيب له في الفقه أن القرعة نوع من الاستقسام بالأزلام ، بدعوى أن الأزلام هي السهام عند الأصنام فيما يهمون به من الأمور العظام ، مثل التزويج أو السفر ، كتب على وجهي القدح : اخرج ، لا تخرج ، تزوج ، لا تتزوج ، فأي الوجهين خرج فعل راضيا به ، وهذا بعينه ما نسميه بالقرعة . أقول : هذا التوهم في غاية الفساد ، فإن أهل الجاهلية كما صرح به الخليل في كتاب العين يرجعون إلى الصنم بكفرهم يسألون منه أن أي الأمرين كان خيرا لهم أن يأذن لهم فيه من الطريقة المذكورة [1] . وعليه كان عملهم نوع عبادة للصنم ونحو لجوء وعكوف إلى آلهتهم ، نظير سائر عباداتهم لأصنامهم ، وأين هذا من تفويض الأمر إلى الله الواحد الحي القيوم ، واستدعاء الهداية منه تبارك وتعالى ؟ نعم صورة العمل تشبه بعضها بعضا ، إلا أن الأول شرك وضلال ، والثاني توحيد وهداية ، نظير السجدة ، فإنها إن وقعت لله تعد عبادة ، وإن وقعت للصنم وقعت شركا وغواية ، فأين إحداهما من الأخرى ؟ ! والحمد لله رب العالمين .