وهذه المشتركات هي جزء من النظام الاقتصادي العالمي والإسلامي ، بصورة عامة ، وإن كان هناك بعد كبير وبون شاسع في مسألة الجانب الإنساني والمجال الأخلاقي وما أشبه فيما بين النظامين بصورة خاصة . ويمكن القول : بأن مجتمع شبه الجزيرة ، مركز الوحي والإسلام ، ونزول الرسالات والقرآن هو من أوائل المجتمعات ذات الخصوصية التجارية العالمية في ذلك اليوم ، أو حسب الاصطلاح الحديث ذات الخصوصية الاقتصادية في هذا اليوم ، فرحلتا الشتاء والصيف المعروفتين ، واللتين تعرض القرآن الكريم لذكرهما [1] أصبحتا الآن من ذكريات تاريخ مجتمع شبه الجزيرة ، فقد كانتا في حد ذاتهما تنظيماً اقتصادياً واعياً ودقيقاً ، وفق جدول زمني دقيق ، بل كانتا حركة ناشطة ، ومسيرة حثيثة ، وانتفاضة اقتصادية شعبية عارمة ، ذات صبغة اقتصادية شاملة ، فقد كان جميع التجار صغارهم وكبارهم ، يشتركون وبصورة جادة في هاتين الرحلتين المعروفتين وليس كبار التجار فقط ، أو المضاربين في السلع والأمتعة ، أو المسافرين والسائحين فحسب .