ومطابقاً للقرآن والإسلام ومؤطراً بإطار العصر ومتطلبات الحياة الجديدة انتصر الإسلام وساد الدنيا ، وعم الجميع رحمته وعدله . وإن كان العاملون هم الغربيون ، وهم اليوم كذلك ، أي : على خلاف المسلمين المتقاعسين عن العمل ، انتصر الغرب وسادوا الدنيا ، وعمّ الجميع أضرارهم وظلمهم ، كما هو اليوم حال الدنيا وحال أهلها ، ففي كل نقطة من نقاط الدنيا وخاصة في بلدان العالم الثالث حرب ودمار ، وجوع وفقر ، ومرض وحرمان ، وظلم واستبداد ، وإلى آخر ما في قائمة الشقاء من ألفاظ وكلمات . وهذه هي أيضاً سنّة الله تعالى في الحياة ، حيث جعل الدنيا للعاملين ، سواء كانوا من أهل الحق كالمسلمين ، أو من أهل الباطل كالمستعمرين . كما إن سنة الله تعالى هذه قد جعلها سبحانه في الدنيا للاختبار والامتحان ، حيث إن الدنيا دار اختبار واختيار ، وللإنسان أن يختار الحقّ أو الباطل ، وأن يعمل أو يتقاعس عن العمل ، وأن يكون مخلصاً في عمله أو مرائياً ، وأن يجدّ في عمله أو يتماهل ، فحيث إن الدنيا دار اختبار واختيار ، يمدّ الله تعالى كلا الفريقين : أهل الحق ، وأهل الباطل ، بالأسباب والوسائل ، وبالحول والطول ، كما قال تعالى : * ( كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ ) * [1] . وذلك ليُري الله تعالى الناس أنفسهم المخلص منهم من المرائي ، والمحق من المبطل ، وليوقفهم على مدى قدر أنفسهم ، ويعرّفهم مبلغ استحقاقهم من الأجر والثواب أو العذاب والعقاب ، حتى لا يقول أحد يوم القيامة : ليس هذا هو ما استحقّه من الثواب والجنة ، أو من العقاب والنار . نعم هذه هي سنّة من سنن الله تعالى في الحياة ، وقدره وقضاؤه ، ولكن هناك سنة أخرى وهو الوعد بالفتح والنصر المطلق للمسلمين المؤمنين وذلك في