فقلت : يا أمير المؤمنين إنها ابنتك وسألتني أن أعيرها إياه تتزين به فأعرتها إيها عاريةً مضمونةً مردودةً ، فضمنته في مالي وعليّ أن أرده سليماً إلى موضعه . قال : « فرده من يومك وإياك أن تعود لمثل هذا فتنالك عقوبتي » . ثم قال : « أولى لابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مضمونة مردودة لكانت إذن أول هاشمية قطعت يدها في سرقة » . قال : فبلغ مقالته ابنته فقالت له : يا أمير المؤمنين أنا ابنتك وبضعة منك فمن أحق بلبسه مني . فقال لها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « يا بنت علي بن أبي طالب لا تذهبن بنفسك عن الحق أكل نساء المهاجرين تتزين في هذا العيد بمثل هذا » . قال : فقبضته منها ورددته إلى موضعه [1] . ونعم هكذا كان سيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ووصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وعلى عكسه تماماً كان بنو أمية وبنو مروان ومن شاكلهم . وفي التاريخ : أن عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام ، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية ، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام ، وأصل هذه الواقعة أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال واختص زيد بن ثابت بشيء منها جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع : بشر الكافرين بعذاب أليم ، ويرفع بذلك صوته ، ويتلو قوله تعالى : * ( والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) * [2] ، فرفع ذلك إلى عثمان مرارا وهو ساكت ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه : أن انته عما بلغني عنك .
[1] تهذيب الأحكام : ج 10 ص 152 - 151 ب 10 ح 37 . [2] سورة التوبة : 34 .