الفطرة الاجتماعية مسألة : قد خلق الله تعالى الإنسان على فطرة اجتماعية ، فهو أبداً يهوى العولمة ويسعى للتعولم وإليه أشار قول الله تعالى في القرآن الحكيم : * ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثى وجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ ) * [1] . فكل الفصول الثلاثة من الآية المباركة طبيعية للبشر ، حيث إنّ الذي يعمل أكثر وبكيفية أحسن ، يكون أكرم ذاتاً ، والأكرمية الذاتية تتبعها الأكرميّة العرضية ، فإن كل ما بالغير ينتهي إلى ما بالذات كما يقوله الحكماء . مضافاً إلى ذلك إنّ الإنسان يميل إلى هذه الجهة : جهة التعارف والتآلف ، وينحو نحو هذا الاتجاه الفطري الموهوب ، وقد ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « خير المؤمنين من كان مألفة للمؤمنين ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف » [2] . فالإنسان مهما كان بلده وموطنه هو إنسان ، وله نفس المشاعر والأفكار الجسدية التي يحملها كل إنسان آخر ، وإنما الاختلاف غالباً في الأفكار والآراء ، وللفكر موازين ومقاييس ، والميزان الصحيح والمقياس المستقيم هو الذي ذكره الله تعالى ، وبيّنه العقل : من أنّ للكون إلهاً واحداً قادراً عادلاً حكيماً ، إلى آخر ما ذكر في توحيد الله سبحانه وتعالى وكذلك في سائر أصول الدين من العدالة والنبوة
[1] سورة الحجرات : 13 . [2] مستدرك الوسائل : ج 8 ص 450 ب 88 ح 9970 .