تأطير الطاقات المطلقة مسألة : إننا مع التطور الكبير في العلم ، وتقلَّص عوامل المسافة والزمن ، وضرورة امتلاكنا لمقدراتنا في المجالات الحيوية ، وذلك حسب ما يأمر به الإسلام من العولمة الصحيحة ، وقد بلغنا درجة لا يمكن معها التغافل أو التهرب من ضرورة إدارة كل ما هو في حيطتنا : من سلامة البيئة ، ومن قوة التجارة ، ومن نظم أنشطة الإنتاج والاستهلاك ، وتأطيرها لصالح الإنسان وكرامته الإنسانية والإسلامية ، وقد انطلقت طاقات المعرفة والعلم ، وهدرت عجلات التصنيع والفن بمختلف إشكالها ، وظهرت الحاجة الملحة لتأطير هذه الطاقات المنطلقة في إطار خدمة الإنسانية كلها وفي خدمة كل الأجيال الموجودة والقادمة ، حتى لا تنتصر هذه الطاقات المادية على حساب هزيمة الإنسان والإنسانية نفسها ، أو لحساب جيل حاضر على حساب الأجيال الأخرى القادمة مع تمادي الزمن . ويظهر من ذلك كله أن الحاجة إلى النظرة العالمية ملحّة حتى ونحن نتصرف محلياً ، وإن كان البعض يرى هذه المعادلة بالعكس أي : بأن يكون التفكير محلياً والتصرف عالميا فإن المهم في كلتا الحالتين أن يكون البعد العالمي ماثلاً دائماً إمامنا ، بعد أن تشابكت المصالح إلى حد بعيد ، وتداخلت تداخلاً لا يمكن فرز بعضها عن بعض ، نعم إن هذا الإطار العلمي والنظري للعولمة شيء ، والعولمة الغربية التي ظهرت في الساحة وعرفناها حتى الآن على أرض الواقع وفي إطار العمل والتطبيق هي شيء آخر ، فقد هيمنت الأسواق على عملية العولمة ، وصادرت منافعها وخيراتها ، مما أدى إلى أن تحتكر شعوب قليلة معيّنة وأقطار متعددة بعينها ، فوائد العولمة ونتائجها الإيجابية ، وتترك سلبياتها وأضرارها لشعوب كثيرة وأقطار أخرى تشكل غالبية الأقطار في العالم .