الدليل ، لأن الأصل براءة الذمة ، وأيضاً قوله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) والاستطاعة في عرف الشرع وأهل اللغة أيضاً عبارة عن تسهيل الأمر وارتفاع المشقة فيه ، وليست بعبارة عن مجرد القدرة ، ألا ترى أنهم يقولون : ما أستطيع النظر إلى فلان إذا كان يبغضه ويمقته ، ويثقل عليه النظر إليه ، وإن كانت معه قدرة على ذلك . وكذلك ما يقولون : لا أستطيع شرب هذا الدواء ، يريدون أنني أنفر منه ، ويثقل علي النظر إليه ، وإن كانت معه قدرة على ذلك وقال الله تعالى : ( إنك لن تستطيع معي صبراً ) . وإنما أراد هذا المعنى لا محالة ، فإذا تقرر ما ذكرناه ، كان صحيح الجسم الذي يشق عليه المشي الطويل إلى الحج لم يكن مستطيعاً له في العرف الذي ذكرناه ، وكذلك من وجد الراحلة ولم يجد نفقة لطريقه ولا لعياله يشق عليه السفر ويضعف وتنفر نفسه لا يسمى مستطيعاً ، فوجب أن تكون الاستطاعة ما ذكرناه لارتفاع المشاق والتكلف معه . ومما يدل على بطلان مذهب مالك أيضاً ، ما روي من أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) سئل عن قوله تعالى : ( ولله على الناس ) الآية ، فقيل له : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما الاستطاعة ؟ فقال : الزاد والراحلة من استطاع إليه سبيلا ، فقيل له : يا رسول الله ما الاستطاعة ؟ فقال : الزاد والراحلة ) . [1] وصرح بذلك أيضاً في جمل العلم والعمل ، [2] وكذا أبو الصلاح في الكافي . [3] وقال الشيخ في النهاية : » الاستطاعة هي الزاد والراحلة والرجوع إلى كفاية ، وتخلية السرب من جميع الموانع » [4] إلخ وصرح بذلك أيضاً في الجمل
[1] الناصريات 243 . [2] رسائل الشريف المرتضى : 3 / 62 [3] الكافي / 192 [4] النهاية / 203