والحضور في تلك المشاعر الشريفة ، والمواقف الكريمة ، ليرتفعوا من حضيض حظوظ النفوس الحيوانية والتعلقات المادية ، إلى ذروة التشبه بالملائكة الروحانية ، ويرتقوا من أدناس ما يمنعهم من العروج إلى المدارج العالية في الملكوت الأعلى ، وما يفتح على قلوبهم أبواب المعارف الحقيقية ، والجلوس على سرير العبودية الخالصة ، وبساط التسليم المحض لأوامر الله تعالى ، ونهيه الذي هو منتهى مراد الطالبين والسالكين . قال مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام : » وفرض عليكم حج بيته الحرام ، الذي جعله قبلة للأنام ، يردونه ورود الأنعام ، ويألهون إليه ولوه الحمام ، وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته ، وإذعانهم لعزته ، واختار من خلقه سماعا أجابوا إليه دعوته ، وصدقوا كلمته ، ووقفوا مواقف أنبيائه ، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه ، يحرزون الأرباح في متجر عبادته ، ويتبادرون عنده موعد مغفرته ، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علماً ، وللعائذين حرماً ، فرض حجه ، وأوجب حقه ، وكتب عليكم وفادته ، فقال سبحانه : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) » . [1] * *