طبع الحج مما يحتاج إليه المسافر من الزاد والراحلة بحسب العادة والزايد على ذلك مرفوع بلا ضرر . وبعبارة أُخرى : للحج الضرري فردان فرد فيه من الضرر ما يقتضيه طبع الإتيان بالحج ، وفرد فيه من الضرر أكثر من ذلك ، وما يجب الإتيان به وما لا يشمله حديث لا ضرر هو الفرد الأول ، وأما الفرد الثاني فوجوبه بالضرر الزايد مرفوع بالحديث . وبعبارة أُخرى : الحديث يرفع وجوب الفرد الذي فيه من الضرر ما لا يقتضيه طبع موضوع الحكم ، سواء لا يقتضيه أصلا أو يقتضيه بحسب طبعه ، فوجوب الفرد الذي فيه من الضرر ما ليس في غيره مرفوع . قلت : هذا الفرد ضرري كما أن الفرد الآخر أيضاً ضرري وكون ضرر أحد الفردين أكثر من الآخر لا يوجب شمول الحديث له وحكومته عليه بعد ما لم يشمل الفرد الذي ضرره أقل ، فلا فرق بين عدم جريان الحديث في التكاليف الضررية بين أفراد المكلف به الضررية ، وإن كان ضرر بعض الأفراد أكثر من البعض الذي تعذر . والحاصل : أنه إذا تعذر الفرد الضرري الذي ضرره أقل من غيره لا يرفع وجوب الإتيان بغيره الذي أكثر ضرراً منه ، والقول بأنه كما إذا كان للتكليف فردان فرد غير الضرري وفرد ضرري يرفع الضرري بالحديث ، كذلك إذا كان للتكليف الضرري فردان ، فرد فيه الضرر الذي يقتضيه بالطبع لأنه لا يمكن الإتيان به إلا بتحمله ، وفرد آخر الضرر فيه أكثر من ذلك ، فهو أيضاً مرفوع به . مدفوع بالفرق الواضح بينهما فإن مورد الأول التكليف الذي لا يقتضيه بطبعه الضرر على المكلف ودليل نفي الضرر حاكم عليه دون الآخر .