إسم الكتاب : فضل الجمعة والجماعة ( عدد الصفحات : 67)
تختص الجمعة باستحضار أن يومها يوم عظيم وعيد شريف ، خص اللّه تعالى به هذه الأمة وجعله وقتاً شريفاً لعبادته ، ليقربهم فيه من جواره ، ويبعدهم من طرده وناره ، وحثّهم فيه على الاقبال بصالح الأعمال ، وتلافي ما فرط منهم في بقية الأسبوع من الاهمال ، وجعل أهم ما يقع فيه من طاعته وما يوجب الزلفى والقرب إلى شريف حضرته صلاة الجمعة ، وعبّر عنها في محكم كتابه العزيز الكريم بذكر اللّه الجسيم ، وخصها من بين سائر الصلوات التي هي أفضل القربات بالذكر الخاص ، فقال سبحانه ( يا أيها الذي آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كمنتم تعلمون ) [1] . وفي هذه الآية الشريفة من التنبيهات والتأكيدات ما يتنبّه من له حظ من المعاني لا يليق بسطه بهذه الرسالة ، ومن أهم رمزها هنا التعبير عن الصلاة بذكر اللّه ونبه بذلك على أن الغرض الأقصى من الصلاة ليس هو مجرد الحركات والسكنات والركوع والسجود بل ذكر اللّه بالقلب ، وإحضار عظمته بالبال ، فإن هذا وأشباهه هو السر في كون الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر في قوله تعالى ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) إذا كان سببهما القوة النزوعية إذا خرجت عن حكم العقل . وهذا كله إنما يتم مع التوجه التام إلى اللّه تعالى ، وملاحظة جلاله الذي هو الذكر الأكبر الكثير ، على ما ورد في بعض تفسيراته فضلاً عن أن يكون ذكراً مطلقاً وإذا كان الاستعداد بهذه المثابة - لا جرم - وجب الاهتمام به زيادة على غيرها من الصلوات والتهيؤ والاستعداد للقاء اللّه تعالى ، والوقوف بين يديه في الوقت الشريف والنوع الشريف من العبادات ، واحضر ببالك أن لو أمرك ملك عظيم من ملوك الدنيا بالمثول في حضرته والفوز بمخاطبته في وقت معين أما كنت متأهب له بتمام الاستعداد والتهيئة والسكينة والوقار والتنظيف والتطيب ، وغير ذلك مما يليق بحال الملك ، ومن هنا جاء استحباب الغسل يوم الجمعة والتنظيف والتطييب