وأمّا الصوت الحَسَن : فالنسبة بينه وبين الغناء والنياحة عموم من وجه ٍ . وأمّا ما ذُكر من حمل قول الصادق عليه السلام في صحيحة محمّد بن مسلم وأبي الصبّاح الكناني عن قول الله عزّ وجلّ : * ( « وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ » ) * هو الغناء ، وفي رواية أبي بصيرٍ حين سأل عن قول الله عزّ وجلّ : * ( « فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ » ) * قال : « هو الغناء [1] » أنّ الغناء المنهي عنه هو الغناء الذي وقع في كلامٍ خرج مخرج الزور ، وهو ما لا حقيقةَ له ، لا الغناء في مثل القرآن والمراثي المأمور بها ونحوهما ، فهو كما ترى . غاية الأمر أن يقال في تأويل الخبر : إنّ الغناء مثل قول الزور في كونه منهياً عنه ؛ لأنّ الغناء المحرّم هو الذي يكون في كلامٍ هو من قول الزور . وكذلك معنى قول الباقر عليه السلام في حسنة محمد بن مسلم قال ، سمعتُه يقول : الغناء ممّا قال الله تعالى : * ( « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ ا للهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً » ) * أنّ الغناء المنهي عنه هو الذي وقع في كلامٍ خرج مخرج اللهو ، وهو ما يلهي عن الآخرة . فالمرخَّص فيه هو ما ليس في كلامٍ لهوٍ أو زورٍ كالقرآن والمراثي المأمور بهما والقصائد في مدح المعصومين . ثمّ إنّك بعد الإحاطة بما ذكرنا تعرف وجه َ التساقط والخلط بين صفات الصوت والمقروء ، سيّما ممّا يظهر من آخر الكلام حيث جعلَ المرثية محلَّ الغناء . وقد ظهر من أوّل الكلام أنّه قسيم له ، إلى غير ذلك من الاختلاطات التي لا يخفى على مَن تأمَّلَ فيه ، مثل أنّه جعل ما في الأخبار من تفسير الآية تفسير الغناء ، ثمّ قال : المراد منها أنّ الغناء الذي في قول الزور حرام . وهذا ليس تفسيراً له بل تفصيل لحكمه . ومنها ذكر الرواية بأن الغناء نوح إبليس على الجنّة ، مثل أنّه جعل النوح قسيماً للغناء .