الترجيع يُطلق على معنيين : أحدهما الصوت المطرب الذي يتبع الإنسان بحسب المقامات الاثني عشر مصاحباً للترديد في الحنجرة كلامه عليه ويطابقه به . ثانيهما الصوت المتردّد في الحنجرة بحسب محسنات القراءة ومراعاة صفات الحروف والمَدّعلى وفق القوانين المقرّرة بين علماء العربيّة الذين أمَروا عليهم السلام في أخبارٍ كثيرةٍ أن يُقْرَأ على مثالهم . فإطلاق الترجيع على الأخير إمّا من باب المشاكلة أو من لزوم لَيِّ الصوت في الحنجرة واللهاة عند تحسين القراءة مع مصاحبة الترقيق والحُزن . وأمّا استثناء بعضهم المراثي عن الغناء ، فمشكل بعد تسليم وصولها إلى حدّ الغناء بحسب اللغة والعرف . وعليه يُحْمَلُ ما وَرَد في نهيه عليه السلام من أن يناح عليه . وروى ثقة الإسلام في الكافي من باب الغناء : عن محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطَّاب ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن عمران الزعفرانيّ ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : من أنعم الله عليه بنعمةٍ فجاء عند تلك النعمة بمزمارٍ ، فقد كَفَّرَها . ومن اصيبَ بمصيبةٍ فجاء عند تلك المصيبة بنائحةٍ ، فقد كفر . [1] وقد تقدّم أنّه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الرَنَّة عند المصيبة » [2] نَعَم ، الندبة والنَوح عليهم عليهم السلام إذا لم يبلغ حدَّ الغناء ، مجوّز عندنا . قال في الذكرى : المراثي المنظومة جائزة عندنا ؛ لما مرّ ولأنّها نوع من النَوح . وقد دلَلْنا على جوازه ، وقد سَمِعَ الأئمّة عليهم السلام المَراثي ولم يُنْكِروها ، [3] انتهى .
[1] الكافي ، ج 6 ، ص 432 433 ، باب الغناء ، ح 11 . [2] الفقيه ، ج 4 ، ص 5 ، باب ذكر جُمَل من مناهي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ح 496 . [3] الذكرى ، ج 1 ، ص 72 ، كتاب الصلاة ، في النياحة على الأموات .