لأن قولهم : من مات قبل انقضاء اعتكافه يدل على الموت في أثنائه ولا يدل على الموت قبل القضاء بعد الفوات ، لحصول الفرق بين لفظي القضاء والانقضاء ، مع أن عبارتهم في هذه الكتب التي ذكرناها لا تختلف لفظا ولا معنى ، ولم يتابعهم الشهيد على هذا اللفظ ، بل قال : لو مات قبل القضاء بعد التمكن وجب على الولي قضاؤه ، وهذا هو المقصود وإن أوهم لفظهم غيره ، لأن الموت قبل الفوات والتمكن من القضاء ، والإهمال لا يوجب على الولي القضاء . إذا تقرر هذا فحجة القائل بالوجوب عموم [8] الأمر بوجوب قضاء الصوم الواجب على الميت ، ولا يمكن الإتيان بمثل هذا الصوم إلا على هيئته - وهي هيئة الاعتكاف - فيكون الاعتكاف واجبا . واحتج القائل بالعدم بأصالة براءة الذمة ، ووجوب قضاء الصوم لا يدل على وجوب قضاء الاعتكاف ، لعدم الملازمة بينهما . * ( قال رحمه اللَّه : ومنهم من خص الكفارة بالجماع حسب ، واقتصر في غيره من المفطرات على القضاء ، وهو الأشبه . ) * * أقول : البحث هنا في موضعين : الأول : في الجماع ، وأوجب الشيخ في المبسوط به الكفارة ، سواء كان الاعتكاف واجبا أو مندوبا ، واختاره العلامة في التحرير والتذكرة ، وأكثر الأصحاب أطلق وجوب الكفارة في الجماع ولم يفصلوا [9] ، وهو اختيار أبي العباس أيضا ، واشترط في القواعد وجوب الاعتكاف لأصالة البراءة ، ولأنه لم يفسد صوما متعينا عليه فلا يجب عليه الكفارة .
[8] - الوسائل ، كتاب الصوم ، باب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان . [9] - كذا .