أدلّة إناطة الاعتصام بالجريان للقليل منه كما يوضّحه عدم قابلية الجاري لأن يتقدر بالكرّية ؟ ومقدار الملاقي منه مع النجس متّصف بالقلّة دائماً ، فلا يسع الحكم بعدم انفعاله أبداً ، فافهم . والحاصل أنّ الماء الجاري بجميع أقسامه معتصم لا ينفعل إلاّ باستيلاء أثر النجاسة عليه بتغيّر أحد أوصافه الثلاثة كما أفصح عنه رواية الدعائم . فرع : لو انفعل الماء الجاري بالتغيّر فإمّا أن لا ينقطع عمود الماء بهذا المتغير أو ينقطع . والمراد بالانقطاع عدم اتصال عالي الماء وسافله بغير واسطة هذا المتغير من ماء غير متغير ولو من احدى حافتي المجرى وأحد جوانب المتغيّر ، فإن لم ينقطع فلا إشكال في طهارة الطرفين من العالي والسافل ، كما لا إشكال في طهارتهما مع كرّية السافل ، وإن انقطع العمود فالعالي المتصل بالمادة باق على طهارته قطعاً لاعتصامه بها ، وإنّما الإشكال في السافل المنقطع عنها بتوسيط هذا المتغيّر . والأقوى انفعاله بهذا المتغيّر فإنّه ماء قليل لاقى النجاسة ، وصدق الجاري عليه في هذا الحال غير مجد بعد معاملة الشرع مع هذا المتغيّر معاملة غير الجاري ، فكأنّه شيء برّاني انفصل به أجزاء الماء بعضها من بعض فلا يشمله أدلّة اعتصام الجاري . كما يفصح عنه مرسلة ابن أبي يعفور من قوله ( عليه السلام ) : " يطهّر بعضه بعضاً " [1] . بناءً على ما ذكره الشيخ الأُستاذ - طاب ثراه - من أنّ معنى التطهير حفظ الطهارة كما في آية التطهير [2] وآية تطهير مريم ( عليها السلام ) [3] فإنّ اتصال السافل بهذا المتغيّر غير مجد له في حفظ طهارته ، كما لا يجديه في رفع الانفعال الحاصل فيه لو فرض له انفعال خلافاً لذي المستند الحاكم بطهارته للأصل بعد تكافؤ الدليلين فيه في نظره من الطرفين . وفيه : أنّه لا تكافؤ ، إذ مشموليته لأدلّة انفعال القليل ممّا لا تأمّل فيه ، وشمول
[1] الوسائل 1 : 112 ، الباب 7 من أبواب الماء المطلق ، ح 7 . [2] الأحزاب : 33 . [3] آل عمران : 42 .