لما بيّناه كما لا يتم الاُمور الاُخر التي ذكرها للاختصاص كما يعلم ذلك بالرجوع إلى كتابه ، فإذا ثبت عموم الرواية للاستجمار كما هو الظاهر منها تبيّن أنّها لم ترد لبيان التحديد من حيث العدد ، بل الظاهر منها - حينئذ - أنّ الداعي إلى السؤال عن الحدّ ما توهّمه السائل من أخبار الاستجمار من كفاية الثلاثة مطلقاً ، وإن لم ينق المحلّ غاية للنقاء ، فأجابه ( عليه السلام ) بأنّ الحد النقاء الظاهري . لا يقال : إنّها - حينئذ - تدلّ على كفاية النقاء ولو حصل بأقلّ من الثلاثة ، مع أنّ الأقوى - كما يأتي - لزوم الثلاثة لما يدلّ على اعتبارها . لأ نّا نقول : إنّ التوهّم إنّما كان في الاقتصار على ما اُحرز لزومه من الثلاثة ، وأنّه هل يجب الزائد عليها أو لا يجب ؟ فلا إطلاق فيها يشمل ما دون الثلاثة ، مع أنّ تسليم إطلاقها غير ضائر كما سلمه جماعة ، غاية الأمر وقوع التعارض بينها وبين أخبار اعتبار الثلاثة ، فيقدّم تلك عليها لما في تلك الأخبار من المرجّحات سيّما في الدلالة باعتبار النصوصية ، هذا . ويمكن تتميم دلالة الرواية على كفاية النقاء في الاستنجاء بالماء وعدم لزوم العدد بوجه آخر وهو أن يدّعى أنّ ظاهر السؤال هو التفحّص عن حال إزالة تلك النجاسة الخاصة وهو إزالة الغائط بالماء عن محلّه ومخرجه ، لأنّ إزالته بغير الماء كانت معلومة عندهم من حيث إنّ العدد لازم فيها بملاحظة أخبارها ووضوح جري السنّة عليها ، فتحيّر السائل في أنّ المعتبر في إزالته عن المخرج بالماء هل هو العدد المعتبر في إزالته عنه بغير الماء من الأحجار من التثليث ، أو أنّ حاله في إزالته عن المخرج بالماء كحاله في إزالته به عن غيره ؟ فسأل الامام ( عليه السلام ) عن حدّ الإزالة بالماء هنا لرفع الحيرة الحاصلة له من تلك الملاحظات ، فأجابه ( عليه السلام ) بأنّ حدّه هنا النقاء ، ولا يعتبر فيه العدد أصلا . وعندي أنّه لا ضير في هذه الدعوى ، لأنّه غير بعيدة عن ملاحظة الرواية سؤالا وجواباً ومتبادر عنها أيضاً في متفاهم العرف ، فلا غرو في التعويل عليه لأنّه ظهور لفظي حاصل من الكلام في متفاهم أهل المحاورة .