بما لا ينجس في غيره لابتلاء أغلب الناس بالاستنجاء في مكان لا يسعهم الاحتراز عن ترشحه بخلاف تطهير سائر الأخباث ، فإنّه بعكس ذلك وهذه الخصوصية هي التي أوجبت سهولة الأمر فيه . وأمّا رواية الذنوب فهي رواية أبي هريرة المردود الرواية عند العامّة فكيف عند غيرهم ؟ ! وعن المعتبر أنّ الشيخ بعد حكايتها قال : " إنّها عندنا ضعيفة الطريق ومنافية للاُصول ، لأ نّا بينّا أنّ الماء المنفصل عن محلّ النجاسة نجس تغيّر أم لم يتغيّر ، لأنّه ماء قليل لاقى نجساً " ، انتهى . وامّا رواية المركن فعندي أنّها مسوقة لبيان لزوم التعدّد في الماء القليل ، فالغسل في المركن كناية عن الغسل به كما يفصح عنه تقابله بقوله : وإن غسلته في ماء جاري فمرة ، وحينئذ فإمّا أن نقول بنجاسة المركن والماء الباقي فيه ، وإمّا أن نقول بطهره بعد الفراغ تبعاً لطهر ما غسل فيه كساجة الميّت ويد الغاسل ، فهي غير منافية لنجاسة الغسالة ، ولذا حكي عن العلاّمة أنّه عمل بها . وأمّا رواية الصبّ في بول الرضيع فمبنية على التخفيف ، لخفّة نجاسته ، فهي خارجة عن تلك القاعدة كما هي خارجة عن قاعدة لزوم انفصال الماء عن المحلّ ، كما يشهد عليه خصوصياته المأخوذة فيه ، فعدم لزوم انفصاله دليل على طهارته ، إذ كلّ ماء غسل به نجس ولا يجب انفصاله ، وكذا لا يجب اجتنابه فهو طاهر ، فهي أيضاً لكونها معمولا بها عند الأصحاب خارجة عن القاعدة كماء الاستنجاء وكالمتخلّف في مطلق المغسول . وأمّا التأييدات فحالها أوضح من أن يبيّن بعد معرفة تلك الجملة ، وهي أيضاً من طرف القول بالنجاسة كثيرة ، فلا ينبغي إطالة الكلام فيها . ولا يخفى أنّ عمدة أدلّة الطهارة التي هي معتمد عليها عند جميع أصحاب هذا القول تعطي القول بالتفصيل بين الغسلتين في متعدّد الغسل وتخصّ الطهارة بالثانية التي بها تطهير المحلّ . ولذا أنّ الأُستاذ - طاب ثراه - قال : " إنّ القول بالطهارة مطلقاً لم يحك صريحاً عن أحد منّا ، وعلّله بأنّ الشيخ في المبسوط نسبه