نام کتاب : شرح تبصرة المتعلمين ( كتاب القضاء ) نویسنده : آقا ضياء العراقي جلد : 1 صفحه : 418
دنائة متعاطيها . ومن ثمَّ كان اللحن في تقبيحها وتحريمها شديدا في الكتاب والسنة : قال تعالى : « سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ - المائدة : 42 » والسحت : كل حرام قبيح الذكر ، وهو ما خبث من المكاسب فلزم منه العار . مأخوذ من ( سحت الشيء يسحته ) إذا قشره فلم يبق عليه شيئا مما يجليه من الغشاء والرواء . وقد أطلق هذا الاسم على كثير من الأثمان الخبيثة والمكاسب ذوات الشين والعار . ومنها مسألة الرشوة في الحكم : قال الصادق ( ع ) في تفسير الآية الكريمة : « السحت أنواع كثيرة ، منها : كسب المحارم وأجر الزانية وثمن الخمر . فاما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم » . وفي حديث آخر : « من أكل السحت الرشوة في الحكم . ومهر البغي » [1] وقال تعالى - أيضا - : « وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ - البقرة : 188 » . وفي التعبير بالادلاء - كناية عن إعطاء الرشوة - نكتة لطيفة لاحظها القرآن الكريم في تعاطى هذا العمل الدنيء . انها استعارة مكنى عنها ، تشبيها للقاضي المرتشي بالساقط في هاوية من الأرض حيث وضعت به خيانته الدنسة في حضيض من الانحطاط البهيمي ، عما كان في أوج الرفعة حيث مقام الحكم بين الناس والانصاف للأمة وبسط العدل بين الملا ، فكان المختلفون والمتنازعون يرفعون اليه الشكوى ، اما وبعد تنازله لدنائة الارتشاء كان الراشون يدلون اليه بالرشوة الخسيسة .