علماء عصره ، هداه الله إلى طريق فهم المطالب ، وتحقيق الحقائق ، وكشف الدقائق بما لم يعهد مثله . كان ترجمان الفقهاء ، ولسان العلماء ، ومفتاح كل ما أشكل على العلماء ، مع تبحّره في فقه الحديث ، ومهارة في معرفة لحن خطابات الطاهرين . لمّا توفي الشيخ كاشف الغطاء كان في تلامذته وتلامذة السيد بحر العلوم علماء أجلاّء ، فتردد أمر الناس في تعيين الأعلم ، وبيناهم كذلك إذ ورد عليهم المحقق القمّي صاحب : القوانين ، من قم زائراً ، فاجتمعوا عليه ، وطلبوا منه تعيين الأعلم ، والمرجع العام في التقليد ، فقال : إنّي أكتب مسائل لجماعة خاصّة استعلم مقدار ما عليه من الفضل ، فكتب مسائل ونسخوها نسخاً ، وأرسل لجماعة ، منهم الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر ، فلمّا جاءَت الأجوبة أمر الميرزاً أن ينادى بالناس جماعةً في الصحن الشريف ، فاجتمع الناس وصعد المنبر في الأيوان الشريف ، وقال : أيّها الناس ها أنا جالس بمحضر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأشهد لكم بحضرته أنّ حجّة الله عليكم الشيخ موسى بن الشيخ جعفر ، وأنّه أفضل الكلّ ، وأعلم الكل . فرجع عامّة الناس إليه ، وطار ذكره ، وبعد صيته ، وانتهت إليه رئاسة الإمامية » . ونقلت حكاية الميرزا القمّي بنحو آخر ، وهو ما عن السيد حسّون البُراقي ، قال « إنّ الميرزا عزم في تلك السنة على الحجّ ، فجعل طريقه على النجف ، ليقرء فاتحة للشيخ ، ويعزّي أولاده ، فلمّا حلّ هناك اجتمع عليه الفضلاء والناس ، وسألوه عن الشيخ موسى . فقال : لا علم لي به ، ولكن أكتب لكم ثلاث مسائل من المشكلات فإن أجابني نظرت في جوابه ، وميّزت مقدار فضله ، فكتب المسائل وبعثها إلى الشيخ موسى ، وكان قد قرب الغروب فقالوا له : الميرزا يقول ما رأيك فيها ، وقد أمهلك في الجواب عشرة أيام . فقال : إنّي مشغول بأُمور مهمّة أقلقت فكري ، وشوشت بالي ، والوقت ضيّق . فقالوا : ألم يمهلك بتلك المهلة .