responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح العروة الوثقى نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 45



( 1 ) والوجه الذي أفاده سماحته - دامت ظلاله الوارفة - في علم الأصول : أنه مهما كان الشك في الشبهة المصداقية للمخصص ذا اعتبارين : فبلحاظ المخصص شبهة مصداقية بينه وبين العام ، وبلحاظ نفسه شبهة حكمية - كما في مثال مطهرية الماء الذي يشك في حكم الشارع عليه بالنجاسة - ففي مثل ذلك يجوز التمسك بعموم مطهرية كل ماء لاثبات مطهرية ذلك الصنف من الماء المشكوك في نجاسته وطهارته ، لأن الخطاب العام بحسب طهوره شامل له ، فيكون حجة بمقتضى أصالة العموم . ولا يرد عليه ما أوردناه على التمسك بالعام في الشبهة المصداقية التي لا تكون شبهة حكمية في نفسها ، بل تكون متمحضة في المصداقية كما - في مثل ( أكرم كل عالم ) الذي خصص بالمنفصل بغير الفساق ، وشك في عالم هل هو فإنه لا يجوز فيه التمسك بعموم ( أكرم كل عالم ) لاثبات وجوب إكرام الفرد المشكوك في عدالته وفسقه . فإن المانع الذي تصورناه هناك هو أن خطاب ( أكرم كل عالم ) لو أراد الدلالة على وجوب إكرام الفرد المشكوك في عدالته وفسقه ، فهل يدل على وجوب اكرامه ولو كان فاسقا ، بأن يدل على وجوب إكرامه لأنه عالم سواء كان فاسقا في الواقع أم عادلا ، أو يدل على وجوب اكرامه لأنه عادل ، بأن يدل مطابقة على وجوب إكرامه والتزاما على أنه عادل ؟ . فهناك نحوان من وجوب الاكرام يتصور ثبوتهما للفرد المشكوك ، وكلاهما لا يمكن اثباته بالعام . أما النحو الأول : فلأنه يقطع بعدمه بعد ورود المخصص الدال على أن موضوع الحكم ليس هو والعالم فقط ، بل العالم العادل ، فلو كان الحكم ثابتا على الفرد المشكوك فلا بد وأن يكون بعنوان أنه عالم عادل . وأما النحو الأول : فلأنه يقطع بعدمه بعد ورود المخصص الدال على أن موضوع الحكم ليس هو العالم فقط ، بل العالم العادل ، فلو كان الحكم ثالثا على الفرد المشكوك فلا بد وأن يكون بعنوان أنه عالم عادل . وأما النحو الثاني : بأن يتمسك بظهور العام وشموله للفرد المشكوك لاثبات وجوب الاكرام بالمدلول المطابقي واستكشاف أنه وجوب بملاك كونه عادلا ، فيكون إخبارا عن تحقق موضوع الحكم بالمدلول الالتزامي . فهذا أيضا غير صحيح ، لأن الشارع عند بيانه للأحكام على نحو القضايا الحقيقية ليس في مقام الاخبار عن تحقق أفراد الموضوع خارجا وأن زيدا عالم عادل أم فاسق ، فإنه ليس إلا في مقام تشريع أصل الحكم وجعله على موضوعه بنحو القضية الحقيقية ، فهو في هذا المقام لا يعلم بعدالة زيد أو فسقه حتى يخبر عن تحققها . نعم ربما يعلم بذلك من باب أنه عالم بالغيب ولكن هذا ليس البناء على إعماله في مقام بيان الأحكام الشرعية ، فالشارع بما هو متكلم بالكلام العام لا يمتاز عنا في تشخيص الموضوعات حتى يكون في كلامه ظهور في أنه يثبت وجوب الاكرام له لأنه عادل ، فنسبة المولى إلى هذه الجهة كنسبتنا إليها تماما ، فكما نشك في وجوب إكرامه لكونه عادلا كذلك المولى شاك في ذلك ، فلا يمكن التمسك بخطابه لاثبات هذا النحو من الوجوب فكلا النحوين من الحكم لا يمكن اثباته للفرد المشكوك وليس في المقام نحو ثالث من الوجوب حتى يثبت بالعام . هذا ملخص الوجه المختار في مقام المنع عن التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لمخصصه المنفصل ، وهو كما ترى مخصوص بما إذا كانت الشبهة ذات اعتبار واحد ، بحيث تكون نسبة المولى إليها كنسبتنا إليها . وأما إذا كانت الشبهة المصداقة شبهة حكمية في نفس الوقت - كما في مثال الماء الذي يشك في طهارته ونجاسته بنحو الشبهة الحكمية لا الموضوعية - فلا يتم فيها هذا البيان ، بل يكون ظهور العام الدال على مطهرية كل ماء شاملا للفرد المشكوك ودالا بالالتزام على طهارته ، لأن بيان الشبهة الحكمية من وظيفة المولى نفسه ، فهو بما هو مولى أعرف بحدودها وشؤونها ، وليست نسبتها إليه كنسبتها إلينا . والمفروض أن خطاب المولى ظاهر بنفسه في شمول هذا الفرد المشكوك واثبات حكم العام له ، لأن العموم يثبت الحكم على كل فرد فرد بحيث يكون الشك في خروج فرد شكا في تخصيص زائد ، فلا بأس أن يتمسك بأصالة العموم وعدم التخصيص الزائد ، ويكون دالا بالتزام على تحقق الموضوع - وهو الطهارة - فيه ، وهو الطهارة - فيه ، وأن ثبوت الحكم إنما هو لكونه واجد للموضوع ، بعد أن كان أمر هذا الموضوع بيد المولى نفسه جعلا ورفعا وسعة وضيقا . وأما الوجوه الأخرى التي ذكروها للمنع عن حجية العام في الشبهة المصداقية ، فغير تامة في نفسها فضلا عن تماميتها في أمثال المقام ، حيث تكون الشبهة المصداقية حكمية أيضا ، كما هو موضح في البحث الأصولي . هذا كله في العام ، وأما الخطاب المطلق الذي وفع الشك فيه بنحو الشبهة المصداقية بينه وبين مقيده فلا يتم في حقه هذا البيان ، باعتبار أن المطلق ليس فيه دلالة على ثبوت الحكم لكل فرد فرد من أفراد الموضوع كي يتمسك بهذا الظهور بالنسبة إلى الفرد المشكوك ، وإنما الحكم قد انصب في المطلق على الطبيعة ابتداء ، وانطباقها على الأفراد ليس إلا بحكم العقل لا بدلالة اللفظ ، والمفروض إحراز التقييد في المطلق وأن الحكم بالمطهرية مثلا مرتب على المأة الطاهر لا طبيعي الماء ، فعند الشك في فرد من المياه هل هو طاهر أم نجس لا يمكننا اثبات الحكم فيه لا بدلالة اللفظ في المطلق لأنه لم يكن شاملا للأفراد ، ولا بدلالة العقل وتطبيق الطبيعة على أفرادها لأننا أحرزنا أن الطبيعة المأخوذة في موضوع الحكم مقيدة بالطاهر ، وهو مشكوك الانطباق حسب الفرض . ومن هنا نحتاج إلى تقريب آخر يوصلنا إلى نفس النتيجة في المطلقات عند الشك بنحو الشبهة المصداقية بينها وبين مقيداتها . وحاصل ذلك التقريب هو : أننا - وأن أحرزنا التقييد وأن الماء النجس ليس بمطهر في المثال - عير أن هذا لا يتعين في أن يكون تقييدا لاطلاق مطهرية كل ماء طالما نحتمل طهارة جميع المياه كما هو المفروض . والوجه في ذلك : هو أننا نحتمل أن يكون المولى قد أحرز مساواة الطبيعة المطلقة خارجا مع الطبيعة المقيدة . وهذا من شؤونه ، وهو أعرف به باعتبار أن القيد حكم شرعي في نفسه والشبهة حكمية بهذا الاعتبار ، وليست نسبتها إليه كنسبتها إلينا على ما تقدم . وبهذا الاعتبار قد جعل الحكم بالمطهرية على طبيعي الماء ، فيكون الظهور الاطلاقي في المطلق كاشفا عن ثبوت الملاك في تمام موارد انطباق الطبيعة ، وأن المطهرية ثابتة فيها لثبوت الطهارة فيها جميعا . وهكذا نثبت بنفس الظهور الاطلاقي تحقق القيد في الفرد المشكوك كما كنا نثبته في باب العموم . نعم هذا البيان لا يتم فيما إذا أحرزنا تحقق مصداق للمقيد خارجا ، كما لو أحرزنا نجاسة ماء البحر مثلا ، فإنه حينئذ لا يمكننا إثبات الحكم في ماء آخر نشك في طهارته ونجاسته ، لأننا علمنا في مثل ذلك أن الطبيعة المطلقة ليست مساوية مع الطبيعة المقيد التي هي موضوع الحكم واقعا . ومعه لا معنى للتمسك بالظهور الاطلاقي لاثبات تحقق القيد ، والملاك في تمام موارد انطباق الطبيعة ليثبت به ذلك في الفرد المشكوك . وهذا بخلاف الحال في العام المخصص ، فإنه حتى لو علمنا فيه بتحقق مصداق للمخصص خارجا وإن الطبيعة لا تساوي المقيدة ، مع ذلك يصح التمسك بالعموم في الفرد المشكوك ، لأنه مشمول بنفسه لدلالة العام على ثبوت الحكم لكل فرد فرد ، فيكون الشك فيه لا محالة شكا في تخصيص زائد بلحاظ هذا الظهور منفيا بأصالة العموم ، لا باحتمال مساواة الطبيعة المطلقة مع المقيدة حتى لا يتم ذلك في مورد القطع بعدم المساواة . إلا أن هذا الفارق بين المطلق والعام غير مؤثر في المقام ، فإن خطابات الأمر بالغسل ومطهرية الماء عن القذر - وإن كانت دلالتها بالاطلاق لا بالعموم وقد علمنا من الخارج بعدم مطهرية الماء النجس واشتراط الطهارة فيها - غير أنا لا نعلم بثبوت ماء نجس خارجا ، بل كل ما ينطبق عليه طبيعة الماء نحتمل وجدانه لملاك الحكم وقيده ، وهو الطهارة الذاتية . وعليه فلا مانع من التمسك بالظهور الاطلاقي في هذه الخطابات لاثبات طهارة كل ماء . إن قيل : اشتراط الطهارة في المطهر أمر ارتكازي عرفا ومتشرعيا ، فيكون خروج الماء النجس عن دليل المطهرية بمثابة المخصص المتصل لا المنفصل . وعليه فمن أول الأمر ظهور الخطاب لم يشمل غير الماء الطاهر ، والمفروض الشك في انطباقه على الماء المشكوك ، فيكون التمسك به من التمسك بالعام أو المطلق في الشبهة المصداقية لنفسه لا بينه وبين المخصص أو المقيد ، وهذا مما لا يصح بلا إشكال . قلنا : ارتكازية عدم مطهرية الماء النجس لا تكون مقيدة لاطلاق أدلة مطهرية المياه ، بعد افتراض أننا احتملنا طهارة جميع أقسام المياه في نفسها ، وأن حكم الشارع بالمطهرية على مطلق المياه كان بملاك إحراز تحقق قيد الطهارة فيها ، فإن هذا الظهور الاطلاقي يكون رافعا لموضوع المقيد ودالا على أن القيد - وهو الطهارة - محفوظ في تمام موارد انطباق الطبيعة المطلقة ، وليس منافيا مع نفس التقييد واشتراط الطهارة في المطهر حتى يرتفع بعد ثبوت التقييد .

45

نام کتاب : شرح العروة الوثقى نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست